متى احترمَ الجيشُ الدستور؟

4
3067

بقلم فضيل بوماله

وانت تستمع لأراجيف سدنة النظام الجزائري عن الحرية والعدل واحترام الدستور والقانون والدفاع عن الشعب والوطن تشعر في الوقت ذاته بزلزلة وتقزز وحزن وتمرد وتتساءل هل هؤلاء بشر مثلنا وهل في عجينتهم ذرة صلصال من أرض الجزائر وفي دماءهم قطرة واحدة من دم الشهداء وفي قلوبهم نبض واحد في حب هذا البلد المغدور وهل في رؤوسهم ما يشبه المخيخ والمخ كباقي الخليقة؟

آخر هؤلاء الفريق قائد الأركان ونائب وزير الدفاع الوطني السيد أحمد ڨايد صالح..هذا الرجل أدخل تقليدا غريبا عجيبا ولأول مرة ،فيما أعلم، في تاريخ جيوش العالم هو تحويل اللقاءات والزيارات والمناورات إلى « عكاظية » يقرض فيها كل مناسبة ضابط « شويعر وشعرور » شيئا مما يحاكي الشعر في مدح القائد الفريق وتعداد خصاله ومناقبه.أما حضرته فينتشي وبريق المتعة يسطع من عينيه ووجهه. ومن « الشعر  » ما يجيش قاعات تصفق ويصنع مشاعر حب وولاء جياشة ويحرك جأش صاحبنا نرجو أن يكون له رابط جأش في المعارك والأزمات.
أغلق هذا القوس الذي طالما حز في نفسي وأنا أرى عدوى مدح الملوك والرؤساء تنتقل كالطاعون إلى جسد الجيش وروح القادة.

أحمد ڨايد صالح يحمل قبعتين و يمارس المهام الموكلة إليه تحتهما. قبعة العسكري بوصفه فريقا وقائدا للأركان وقبعة سياسية بوصفه نائب وزير الدفاع.ولذلك، لا يتردد السيد أحمد ڨايد صالح من الجمع في خطبه و كلماته، وهو الذي يتحدث بصفة شبه يومية بعشرات المرات أكثر من أي سياسي أو مثقف في الجزائر، بين ما يدلي به من « توجيهات » عسكرية وما يبعث به من « رسائل  » سياسية لهذا الطرف أو ذاك.
آخر تلك الرسائل كانت موجهة لبعض المخبولين من أشباه السياسيين والمثقفين الذين نادوا الجيش، بطريقة صريحة أو مبطنة، للتدخل وحسم مسألة الشغور في منصب الرئيس بحكم مرض بوتفليقة وكأنهم يريدون إطالة عمر النظام وتقاسم بعض ريعه متناسين أن الجيش في الجزائر لا يمكن أن يكون الحل لأنه جوهر المشكلة. 
فبدل العمل المجتمعي الفاعل للتخلص من سطوة الجيش على البلاد وصناعة الرؤساء، هاهي ذهنياتهم ونفوسهم المعسكرة بحكم ولاءاتهم ومصالحهم تناضل من أجل استمرار الجيش في الحكم غير الراشد لنصف قرن آخر.
والادهى في الأمر بل والعبثي أن يرد قائد الأركان عليهم بلغة الشرعية والدستورية وما سمي لغطا ولغوا ب »الدولة المدنية » وراح يردد في كل التصريحات والكتابات » سيحترم الجيش مهامه الدستورية ولن يحيد عنها » وأن  » عصر الانقلابات التي يريد هؤلاء من الجيش القيام بها قد ولى ».

كلام السيد ڨايد صالح من المضحكات الملكيات للأسباب التالية:
1. متى احترمت القوات المسلحة الجزائرية الدستور؟ وهل خضع تسييرها في يوم من الايام للدستور أو لأي شرعية دستورية؟ 
2. أليس القوات المسلحة منذ الاستقلال هي صانعة النظام ومرادفة الدولة والقوة فوق-الدستورية الخارجة عنه حتى وإن كانت هي التي وضعته شكليا أو بمعية مرتزقة ممن يعرفون بالفقهاء الدستوريين؟
3. كيف يتحدث الڨايد صالح عن تقيد القوات المسلحة بمهامها الدستورية في ظل نظام حكم غير شرعي وخارج عن القانون هي صانعته وحاميته؟ ألم يهنيء هو ذاته باسم وزارة الدفاع الوطني السيد عمار سعداني حينما « انتخب تعيينا » على رأس حزب جبهة التحرير الوطني؟

 
4. كيف لقائد الأركان ونائب وزير الدفاع أن يتبجح باحترام الدستور ووزير الدفاع(يعني وزيره ورئيس « الجمهورية » في الوقت نفسه أي السيد بوتفليقة) لا يؤمن بالدستور ولا يحترمه. ألم يصرح بوتفليقة بذلك ما إن اعتلى سدة الحكم سنة 1999؟ الم يخرقه سنة 2002؟ ألم يدس عليه كل مرة بأمرياته الرئاسية في كل فترات عطل ما يسمى البرلمان بغرفتيه؟ ألم يغتصبه سنة2008 خاصة في مادته 74 التي كانت تمنعه من عهدة ثالثة؟ ألم يرم به في سلة المهملات ليخيط لنفسه دستورين على مقاسه في 2008 و2016؟ ألم يتجاوز صلاحياته ويفرض تعديلات عبر برلمانه في قضايا حاسمة الشعب وحده هو المستفتى والفصل فيها؟ ألم « يتبول » على الدستور ويعطل بالقوة تطبيق المادة 102(88 سابقا) وهو المريض المقعد ذهنيا وجسديا؟ ألم ينتهك عرض الدستور والشعب وهو يفرض نفسه مرشحا لعهدة رابعة وهو على حافة القبر ولما يشارك حتى في حملته الانتخابية على نفسه(شوفو زوجوني وأنا غايب يقول المثل الشعبي الجيجلي)؟ ألم ينقلب على الدستور والشعب والوطن وهو يسلم مقاليد الحكم لأخيه وزمرته ليقرروا في مصير البلاد؟ الخ من الحقائق بالعشرات التي تثبت معاداة الرئيس ووزير الدفاع والجيش والبرلمان والمجلس الدستوري للدستور والقانون والشرعية والشعب والجزائر.

ما تعرفه البلاد يصنف صراحة في خانة الخيانة العظمى وأحكامها منصوص عليها بوضوح في الدستور والقانون.
5. لا أعتقد أن السيد ڨايد صالح من الذين يؤمنون بالدستور والمؤسسات وثقافة دولة القانون الحديثة. أما حديثه بتلك اللغة فلا يعدو أن يكون سوى جعجعة واستمناء و لزوم ما لا يلزم الهدف منه إبعاد شبهة الطموح في الرئاسة ولو لفترة انتقالية واثبات الولاء لبوتفليقة وعصبته..فمصيره مرتبط بهما لأسباب لا مجال التفصيل فيها الان وهو يعلم أن خليفته قد حضر لوقت إحالته على التقاعد…اللهم إلا إذا ….
6. القوات المسلحة الجزائرية جيش انقلابي وسياسي بامتياز. ومادامت الجزائر لم تعرف دولة القانون والمؤسسات والشرعية الشعبية والتداول الديمقراطي على الحكم برقابة برلمانية على الجيش واستقلال القضاء وحريات فعلية مضمونة للاعلام والمجتمع المدني فكل حديث عن احترام الجيش للدستور ومهامه الدستورية كما في الديمقراطيات يظل ضربا من التمييع والهراء واهدار طاقة ووقت الجزائر.

ولو لم يكن بوتفليقة وعصبته قد جعلوا قيادات الجيش موالية لهما كما فعلا مع المجتمع السياسي والمالي والإعلامي والجامعي،الخ لانقلاب الڨايد صالح أو جماعة أخرى على بوتفليقة والاطاحة به معلنا أو معلنة في البيان رقم 1 عن كل ما صار معروفا في تاريخ الانقلابات العسكرية في جغرافيتنا الأفريقية المغاربية العربية.
وللحديث بقية.
فضيل بوماله

4 Commentaires

  1. Voilà qui est aussi clair que l’eau de roche, sur le respect de la constitution, le respect des ou du choix du peuple. Le viol flagrant de la constitution en 2008 est une tâche indélébile dans l’histoire de notre pays. La réélection en 2014 d’un homme malade, qui ne s’est plus adressé à son peuple depuis des mois, qui n’a point participé à la campagne électorale relève des films de Mickey et dépasse de loin le burlesque de Charlot. L’Algérie est devenue la risée des nations.
    Merci M. Boumala pour cette contribution franche et directe, je ne suis pas en mesure de commenter dans la langue de «el moutanebi» donc je le fais dans celle de Molière.

  2. Les gardiens du temple,en Algérie,ont toujours été ainsi,entrain de brosser dans tous les sens du terme,non seulement les capillaires de surface comme des manucures,mais tout le corps du »dieu adoré » du moment,sauf que cette fois-ci le corps devant lequel,ils se prosternent, est mort depuis longtemps,statique et inerte,ne s’appuie que sur une une canne rongée elle-même par la vermine et bientôt le corps s’écroulera !
    Aussi,les mêmes gardiens qui sont suppliés de partout,ces jours-ci,par de pseudo-politiques et pseudo-cultivés d’intervenir pour leur trouver un autre corps neuf si c’est possible ou à la rigueur moins rongé par les parasites.
    Les prétendants ne manquent pas à l’appel,seront-ils à la hauteur de la tâche?
    Ou bien c’est la fin d’un cycle qui est parti sans retour?
    « Qui vivra verra »!

    • Ceux qui demandent l’intervention de l’armée dans cette décomposition politique,sont-ils conscients?Ont-ils oubliés?Que l’armée en Algérie ne peut être la solution parce qu’elle est l’épicentre-même du problème?
      Ainsi par leurs comportements archaïques et ceux de leurs maîtres criminels,ils commettent là une grande trahison envers la nation.
      De toute façon,il viendra le jour ou ils vont regretter leurs gestes et de répondre de leurs crimes,ici dans ce bas-monde ou ailleurs,dans l’au-delà.

LAISSER UN COMMENTAIRE

S'il vous plaît entrez votre commentaire!
S'il vous plaît entrez votre nom ici