المنظمات الطلابية: ما دورها في الجامعات؟

1
1991

http://www.echoroukonline.com

2017/06/05
أبو بكر خالد سعد الله

أستاذ جامعي قسم الرياضيات / المدرسة العليا للأساتذة- القبة

أثارت قضية السيد وزير السياحة المعيّن يوم خميس والمُقال يوم الأحد الموالي، ضجة إعلامية كبيرة، وركز البعض على انتمائه لمنظمة طلابية حديثة النشأة، وطُرحت في هذا السياق العديد من التساؤلات حول المنظمات الطلابية ودورها في المؤسسات الجامعية.

كان يا ما كان

بعد الاستقلال كانت هناك منظمة طلابية واحدة في الجامعة، يسارية التوجّه، تناضل من أجل مبادئها وتضغط على السلطات بقدر المستطاع حتى تجعلها تتقرب أكثر من النهج الاشتراكي. ولم تكن علاقتها بالسلطات دائما على ما يرام، فذاك كان مرتبطا بمصالح مرحلية لهذا وذاك، وبمدى تجاوب كل طرف لمطالب الطرف الآخر، ومهما يكن من أمر، فحسب ما نذكره، لم تكن هناك قيادات في تلك المنظمة تتحرك من أجل الفوز بالمناصب أو تضخيم نسب النجاح في صفوف الطلبة، أو السعي وراء مكاسب مادية، بل كان يطغى على نضالها الصراع الفكري والإيديولوجي.

وبعد انفتاح نهاية الثمانينيات والسماح بإنشاء تنظيمات طلابية أخرى، تغيّر الوضع شيئا فشيئا، متخليًا تدريجيا عن الإيديولوجيات والصراعات الفكرية، وانغمس القوم في مجال « البزنسة » السياسية والمادية، ولذلك صارت الجامعة مسرحا لصراعات سياسوية مفضوحة تقودها تلك المنظمات لأن من وراء كل منها « بزناسي » سياسي من خارج الجامعة طامح في التسلق، وتولي المناصب، يعتبر الجامعة والمنظمات الطلابية وسيلة ناجعة لتحقيق مراميه.

وفي هذا السبيل، يوظف هؤلاء جماهيرَ الطلاب ويحركونهم ظاهريا من أجل رفع علامات امتحان أو الوقوف ضد نتائج مداولات أو افتعال أحداث في المؤسسة، وتذهب بعض المنظمات إلى التحرك ضد بعضها البعض لا لسبب سوى لكسر حركة الآخر والبروز في الميدان!

أما غالبية الطلبة فهي بريئة من هذه الأفعال وتعجز في الكثير من الأحيان عن مواجهة من يقود إضرابا أو حركة احتجاجية عندما لا يسمح لها بالدخول إلى الجامعة أو قاعات الدروس، بل تلجأ الفئة الطلابية المتسلطة في عديد الحالات إلى استعمال العنف الجسدي لمنع الطلبة والأساتذة والإداريين من الدخول إلى المباني والمدرجات.

لم يعد مستغربا في جامعتنا أن يقوم طالبان اثنان بغلق مبنى جامعي يشتغل فيه مئات الأشخاص من إداريين وأساتذة بدون رادع، أو أن يصعد طالب إلى العاملين في مبنى من 5 طوابق تضم مكاتب الأساتذة والإدارة ليطلب ممن يوجد هناك بالنزول والخروج فورا لأنه عازم على غلق باب المبنى، ويسارع الجميع إلى الخروج من المبنى تلبية لنداء الطالب. يحدث ذلك دون حسيب ولا رقيب!!

هل يمكن أن نتصور بأن يقوم طالب بهذا العمل الشنيع وقد أتى إلى الجامعة من أجل الدراسة ونيل شهادته باستحقاق؟ لا، أبدا، فمن المؤكد أنه إما شخص طائش مغامر، أو ضال متسلق، أو ضحية استغلال من الغير.

هذا الوضع ليس خافيا على السلطات، وهي تعلم علم اليقين بأن هذه المنظمات لا تخدم الجامعة وأهدافها، بل تُعكر جوها وتبعدها عن مسارها الصحيح، فالجميع يلاحظ أن الدولة تنفق الأموال الطائلة على المؤسسات الجامعية، ثم تُذهِبها هباءً بسبب هذه السلوكات غير الأخلاقية.

نحن لا نقول إن مصيبة الجامعة هي المنظمات الطلابية، لكننا نؤكد أن جزءا كبيرا من مصائب الجامعة مصدره فساد المنظمات الطلابية الذي أثر سلبا في الأداء البيداغوجي، وفي التحصيل العلمي لجمهور الطلاب.

التمثيل الطلابي

لا شك أن الطلاب يحتاجون إلى ممثلين يُنتخَبون كل سنة دراسية من بين من يزاولون دراستهم خلال تلك السنة. وينبغي أن تكون من صلاحيات هؤلاء الممثلين الدفاع عن حقوق الطالب الشرعية التي لا يمكن حصرها في هذا المقام. لكننا نستطيع تلخيصها في القول بأن دور ممثل الطلاب هو السعي إلى توفير الشروط المواتية ليتخرج الطالب من الجامعة، مزوّدا بنصيب كاف من العلم في اختصاصه يكفل له مواصلة مشواره التكويني والمهني بجدارة. ومن ثمّ، يتعيّن على ممثل الطلاب أن يسهر على حسن سير الأداء البيداغوجي في مؤسسته، وعلى توفير مستلزمات الحياة الكريمة للطالب داخل الحرم الجامعي، وكذا في الحي الجامعي الذي يأويه.

لا نعتقد أن هؤلاء الممثلين بحاجة إلى منظمة طلابية تحميهم أو تقف من ورائهم حتى يؤدوا هذه المهمة، وإن قال قائل بلزوم وجود منظمات طلابية فدورها ينبغي أن ينحصر في النشاطات ذات الطابع الثقافي والعلمي والترفيهي والرياضي في المؤسسات الجامعية التي تنتسب إليها، شأنها في ذلك شأن النوادي الثقافية والعلمية والرياضية، بمعنى أن نشاطها يكون مكملا وموازيا للنشاط البيداغوجي الذي من المفترض أن تسهر عليه إدارات الجامعات، أما أن يرتكز دورها في الاحتجاج والإضراب والتطاول والإقدام على غلق أبواب المباني والمدرجات وقاعات الدراسة لمنع الآخرين من أداء مهامهم فهذا عبث لا يقبله عاقل، ويعتبر عدم تصدي السلطات بقوة لهذه الظاهرة القبيحة تسيبًا غير مقبول يصل إلى مستوى التواطؤ الخطير مع الرداءة.

كم من إضراب، وكم من توقف عن الدراسة، وكم من باب أغلق من قبل طلاب الجامعات الأمريكية مثلا؟ ! لماذا لا يحدث ذلك في هذه الدولة؟ لأسباب عديدة، منها أن الطالب يدفع من جيبه حقوقا باهظة للتسجيل في كل مقرر يريد دراسته: وبالتالي كيف يسمح هذا الطالب، والحال كذلك، أن يُغلق في وجهه باب المدرج عندما يأتي للدراسة؟ هذا الوضع لا نجده في الولايات المتحدة فحسب، بل هو موجود في كثير من الدول الأخرى، منها بعض الدول العربية الآن. وحتى لا نذهب بعيدا، يمكن أن يقارن القارئ في هذا الباب بين عدد الإضرابات والاحتجاجات في مدارسنا الخاصة وفي مؤسساتنا التعليمية العمومية، ويتساءل عن سبب هذا الفرق.

ولهذا نجد آفة قد استفحلت في الوسط الطلابي تتمثل في كون الكثير من طلبتنا يستحسنون التوقفات عن الدراسة لأن ذلك يعني الراحة بالنسبة إليهم، ويعني حذف فصول من المقررات الدراسية، ومن ثمّ تتقلص المواضيع التي سيُمتحنون فيها، وهم لا يدركون أن ذلك يتسبب في رداءة تكوينهم، وأنهم سيكونون في آخر المطاف أكبر ضحية لهذه الممارسات.

قد يفهم القارئ أننا ندعو بهذه المقارنات إلى خصخصة التعليم، نحن بعيدون عن هذا التفكير، وإنما ندعوا الطالب المستقيم أن يدرك بأن أي توقف عن الدراسة ليس من صالحه، كما أن أي شغب في الجامعة من شأنه أن يؤثر سلبا على أداء الطالب والمؤسسة، ولسوء الحظ، فهذا الجانب (جانب التحصيل العلمي) ليس من انشغالات المنظمات الطلابية ولا من انشغالات الوصاية، والأحداث التي تعيشها جامعاتنا يوميا أحسن شاهد على ذلك.

كما أن ملاحظاتنا هذه لا تبرئ ساحة الأستاذ في هذا المجال، فكم منهم تلطخت سمعته في الإعلام وداخل الحرم الجامعي وخارج الوطن من باب أداء المهام البيداغوجية وفي موضوع الأخلاق العلمية والسلوكية، وكثير من هذه العاهات تأتي من كون الوصاية تضع على رأس المؤسسات من يسيرها على هواها، فيتعاملون مع هذه الأوضاع بطرق لا تخدم الطالب وتحصيله العلمي، وإنما تفضل التهدئة والتغطية عن المفاسد بدل الصرامة في التسيير والردع.

كل ذلك يشجع المنظمات الطلابية على الاصطياد في المياه العكرة، فيزداد وضع الجامعة سوءا يوم بعد يوم، ألم يحن الوقت للتخلي عن هذه الممارسات البائسة خدمةً للبلاد والعباد؟

1 COMMENTAIRE

  1. le problème de prérogatives des représentants se pose autant dans l’éducation (associations des parents d’élèves), de l’enseignement supérieur (Organisations estudiantines) que dans les entreprises (Syndicats + Comité de participation) et les administrations (y compris les représentants syndicalistes des enseignants, des médecins,…). Ceci juste pour préciser qu’il s’agit d’un état de fait qui touche tous les segments de la société . Aucune autorité n’est tentée d’évaluer l’impact, plutôt les impacts des pertes qui en résultent. Les dispositions législatives et réglementaires ,du moins pour le secteur économique marchand, sont tout à fait claires et ce depuis 1990. Des pays moins nantis que l’Algérie ne sont pas atteints par ce syndrome…..En tout état de cause, les énormes retards dans la finalisation du nouveau code de travail sont révélateurs….

LAISSER UN COMMENTAIRE

S'il vous plaît entrez votre commentaire!
S'il vous plaît entrez votre nom ici