نوفمبر.. حتى تجيء الحرية

0
1891

Nadjib Belhimer

نوفمبر مستمر.. الجمعة التاريخية تبعتها أخرى حاشدة أكدت الإصرار على انتزاع الحرية،  » احنا أولاد عميروش، مارشاريار ما نولوش.. طالبين الحرية »، الهدف واضح تماما ومساره معروف، وما حدث في جمعة أول نوفمبر كان مؤشرا لا تخطئه عين أي ملاحظ.. ما يجري في الجزائر تاريخي ولن يتوقف دون أن يبلغ نقطة النهاية التي هي إحداث التغيير الجذري وإطلاق عملية بناء دولة الحق والقانون.
اختار المتظاهرون قضاياهم بعناية، على رأسها الرد الصريح على الخطاب الأخير لرئيس الأركان الذي تهجم على شعار الدولة المدنية، فالشارع لا يجادل ولا يحاجج، إنه يعرف ما يريد بالضبط، نظام حكم مفتوح يكون فيه المدنيون المنتخبون هم أصحاب الأمر لأنهم يستمدون شرعيتهم من الشعب بطريقة مباشرة، أما الجيش فمهمته معروفة ومحددة بنص الدستور، وحين أراد بعض من يضعون أنفسهم فوق الشعب تحميل الشعارات فوق ما تحتمل وبما يضع المتظاهرين في موقف العداء للجيش جاء الرد صاعقا؛ لا فصل بين الشعب وجيشه، والشهداء الذين دفعوا أرواحهم في تيبازة دفاعا عن الوطن وأمنه كانوا عروة وثقى تجعل هذه العلاقة فوق كل مزايدة أو تلاعب سياسي، وبتلك الدماء الطاهرة تم تعميد هذه الرابطة المقدسة التي تسمو على كل نزوة سياسية أو نزعة سلطوية.
على اختلاف توجهاتهم الإيديولوجية وميولهم السياسية جدد المتظاهرون في الجمعة الثامنة والثلاثين تمسكهم بوحدة الصف والهدف، وفي مشهد يجسد الوحدة بعيدا عن الشعارات الفارغة كانت الجموع الزاحفة من شارع ديدوش مراد متجهة إلى شارع عسلة حسين لاستقبال القادمين من باب الواد وعلى طريق العودة يلتقي الجميع مع القوافل القادمة من أول ماي عبر شارع حسيبة بن بوعلي، ويعرف المولعون بالتصنيفات ما تعنيه المسارات الثلاثة، ويرى الملاحظ النزيه أن تجاوز الخلافات والحساسيات لصالح الوحدة أعظم الإنجازات التي حققتها الثورة السلمية.
بوحدته استطاع الشارع أن يرسم مساره نحو المستقبل غير آبه بمخططات نظام تعددت مآزقه وتعقدت، نظام يريد أن يجعل من 12 ديسمبر تاريخا للاستمرار رغما عن قوانين التاريخ والبيولوجيا، لكن السائرين لا يعتبرون أنفسهم معنيين بأجندات السلطة وتواريخها ولا بخطاب التخويف الذي يعاد إنتاجه من قبل « نخب » مستكينة آثرت السلامة وعجزت عن استيعاب ما يجري على الأرض، فالسلمية خيار يحميه المتظاهرون وبه سيعمقون مأزق هذا النظام قبل الإجهاز عليه نهائيا.
الآن صار أبناء الثورة السلمية يعرفون بعضهم جيدا، يلتقون باستمرار، ويتناقشون فيما يختلفون حوله، ومع نهاية كل جمعة يجددون العهد على لقاء قريب من أجل مواصلة المسيرة لتحقيق الهدف الذي يبقى فوق كل خلاف.. الحرية.

LAISSER UN COMMENTAIRE

S'il vous plaît entrez votre commentaire!
S'il vous plaît entrez votre nom ici