القطيعة مع كراهية الدكاكين الإعلامية

0
1864

Redouane Boudjema
الجزائر الجديدة 159

يواصل الشعب الجزائري مسيرته السلمية من أجل الانتصار لمعركة الحريات، معركة المجتمع المفتوح الذي يبني الدولة ويحمي النسيج الاجتماعي ويؤسس لطريق المستقبل.
الجمعة 52 عرفت ترديد شعارات وهتافات مساندة لمساعد وكيل الجمهورية لمحكمة سيدي امحمد الذي تتم متابعته من قبل وزارة العدل بتهمة ممارسة السياسة بعدما رافع لبراءة بعض نشطاء الحراك، وقد تم اتخاذ أول إجراء اداري ضده بنقله إلى قمار بوادي سوف، وهي العقوبة التي تختصر نظرة منظومة الحكم للجزائر وللجنوب ولجهاز القضاء بوجه أعم.
هذه الجمعة التي تعتبر الأخيرة قبل الاحتفال بالذكرى الأولى لانطلاق هذه الثورة السلمية التي أسقطت الكثير من وجوه عهد بوتفليقة، والتي تسعى لتغيير المنظومة التي أنجبت بوتفليقة وتبون وأويحيى وسلال… وغيرهم من رجال السلطة الذين لا يعرفون الحد الأدنى من ثقافة الدولة.
هذه الجمعة كذلك كانت وبكل المقاييس كبيرة في عدد المتظاهرين وفي عدد الولايات المشاركة وفي عمق شعاراتها وفي وضوح رؤيتها، رؤية تنطلق من الانتصار لمعركة الحرية لتغيير المنظومة وبناء الدولة.
التنديد بالمنظومة الإعلامية الفاسدة كان حاضرا في هذه الجمعة، وهي المنظومة التي كانت في هذا الوقت من السنة الماضية مجندة لنشر وبث خطابات الكراهية والتخوين والتخويف ضد النشطاء والكثير من الأسماء التي عبرت عن معارضتها لترشح بوتفليقة للعهدة الخامسة، فالغالبية الساحقة من مدراء الأجهزة الإعلامية وصفوا دعوات التظاهر ضد استمرار بوتفليقة بأنها دعوات ذات علاقة بعملاء الخارج، وأحد مدراء الجرائد الذين كانوا في شبكات توفيق مدين، وصف الداعين للتظاهر بأنهم « أيادي قذرة وجب محاربتها لأنها من أعداء الجزائر في الخارج »(، وغيرها من الكتابات والحصص التي انجزتها كل القنوات التلفزيونية العامة والخاصة، بالإضافة لغالبية الصحف المكتوبة والإلكترونية.

الكراهية من الدعاية للتعذيب والاختطاف إلى بث الجهوية والعنصرية

الكراهية في الاعلام ليست وليدة اليوم، فهي كراهية لم يسلم منها أي أحد حتى الذين ساهموا في تأسيس هذه الصحافة وأعطوها الأدوات القانونية لتكون موجودة، فهذه الصحافة الخاصة التي كانت تنشر أكبر أكذوبة في التسعينيات بأنها الأكثر حرية في العالم العربي، شنت حملة شرسة ضد حكومة الإصلاحات التي أسست لهذه الصحافة، بل وتم نشر الكراهية ضد الكثير من الوزراء الذين أغلقوا الاستيراد والتجارة الخارجية في وجه شبكات النهب التي أسسها النظام، فغازي حيدوسي الذي كان وزيرا للاقتصاد تحول حسب الصحافة الموجهة إداريا وأمنيا إلى « الوزير اليهودي الذي يتآمر ضد مصالح الجزائر ويتحالف مع إسرائيل »، كما أن هذه الصحافة هي التي صفقت لكل جرائم وخروقات حقوق الانسان من الاختطاف القسري إلى التعذيب إلى فتح المحتشدات في الصحراء لمواطنين لا يفكرون كما تفكر شبكات الفساد والريع في الاعلام، كما أن ذات الصحافة والاعلام حتى العمومي لم تجد حرجا باتهام آيت أحمد ومهري وعلي يحي وأحمد بن بلة… وغيرهم بأنهم عملاء للخارج رغم أنهم من الأسماء الكبيرة والثقيلة في تاريخ صناعة التحرر من الاستعمار الفرنسي، كما أن هذه الصحافة هي التي تخصصت في بث ونشر الكراهية ضد كل من لا يصفق للقتل والاستئصال وللفساد والاستبداد.
هذه الصحافة هي كذلك التي استخدمت لنشر الكراهية ضد خصوم زروال وبتشين وآدمي، كما نشرت الكراهية ضد بتشين، زروال وآدمي، وهي الصحافة التي حولت الأسود إلى قطط، والقطط إلى أسود، وهي الصحافة التي حول مدراءها صفحات الجرائد وصور التلفزيونات إلى فضاءات لتغذية حروب التموقع في صراع العصب التي تضمن لهم ريع الاشهار والفساد والاستفادة من كل المزايا التي لا يسمح بها القانون.
والأخطر من كل هذا أن هذه القنوات التلفزيونية الخاصة التي تقوم كلها بدفع ملايين الدولارات سنويا لضمان البث، تقوم بذلك بشكل غير معروف لأنها شركات أجنبية لا تملك الصفة القانونية التي تسمح لها بتحويل العملة الصعبة إلى الخارج بشكل قانوني. وهذه من التهم التي سيتابع بها مدير مجمع « النهار » الذي تمت مواجهته من قبل زملائه في المهنة والكراهية والفساد بحملة أقل ما يقال عنها أنها لا تمت للأخلاق والكرامة الإنسانية بأية صلة، وهي حملة التسابق لمن يخلف مهامه التي كان يقوم بها منذ عشريات من الزمن، وهو ليس أمر مستغرب، لأن هذه القنوات أصبحت تشكل خطرا على الوحدة الوطنية وتغذي الجهوية والكراهية ضد النسيج الاجتماعي منذ أكثر من 10 أشهر من بداية الثورة السلمية التي تريد تحرير المجتمع من شبكات الفساد والاستبداد ومن ثقافة الكراهية والانتقام والإهانة، وهي ثقافة منظومة الحكم التي يريد المجتمع تغييرها بغية بناء الدولة وحماية الأمة.

الجزائر في 14 فيفري 2020
تحرير وتصوير رضوان بوجمعة

LAISSER UN COMMENTAIRE

S'il vous plaît entrez votre commentaire!
S'il vous plaît entrez votre nom ici