القضاء المعطل.. الشعب المناضل والعدل المؤجل!

0
1705
Redouane Boudjema

الجزائر الجديدة 162

هذه هي الثلاثية التي تصل إليها وأنت تحاول تلخيص أكثر من 15ساعة من جلسة محاكمة فضيل بومالة، أمس، بقاعة الجلسات الثانية لمحكمة الدار البيضاء، وهو المعتقل في سجن الحراش منذ أكثر من 5 أشهر.
عطالة القضاء كانت مجسدة في مؤشرات عديدة من موضوع المتابعة وأدواتها ووقائعها:
أول مؤشر لهذه العطالة، هو جزء من ديكور القاعة التي رغم أنها تابعة لبناية حديثة استلمت السنة الماضية، إلا أن الساعة الحائطية المعلقة كانت تشير فيها الساعة إلى 12 و15 دقيقة وهي لم تتقدم ثانية إلى الأمام، وهي الساعة التي تترجم عطالة القضاء والنظام المترهل، فعطالة الساعة مؤشر من مؤشرات الزمن القضائي القديم المتوقف منذ زمن، والذي لا يزال يتابع الناس لأرائهم ومواقفهم وقناعاتهم الفكرية والسياسية.
المؤشر الثاني لهذه العطالة عبر عنه بلغة بسيطة وعميقة، نقيب محامي ولاية بجاية الذي قرأ تقرير الضبطية القضائية الذي يتهم فيه بومالة بأنه « يريد تحقيق مآرب شخصية ويسعى لتحقيق أهداف شخصية من خلال استغلال سذاجة الشعب الجزائري »، وهو المقطع الذي أثار حفيظة المحامي الذي قال إن هذه العقلية عقلية احتقارية استعمارية تنفي عن الشعب الرشد والقدرة على تقرير مصيره، وهو ما دعاه لطلب إشهاد من المحكمة وقد وعد برفع دعوى قضائية ضد الضبطية القضائية بتهم الشتم والعنصرية ضد الشعب الجزائري.
المؤشر الثالث للعطالة، هو استمرار التشريعات الجزائرية في التنصيص عن ظواهر غير موجودة وبتعريفات غير محددة، وهو ما ركزت عليه هيئة الدفاع في غالبيتها، فالمحامي نور الدين بن يسعد أكد أن « هذه التشريعات من بقايا الاستعمار، لأنها أخذت من قوانين العقوبات الفرنسية التي حوكم بها مجاهدي ثورة التحرير، ولكن الغريب أن المشرع الفرنسي أخرجها من تشريعاته وورثها نظام جزائر ما بعد الاستعمار ».
المؤشر الرابع للعطالة وتوقف الزمن القضائي والتشريعي، هو أن المادة التي توبع بها بومالة لا تشير إطلاقا لأدوات الإدانة، فهي مادة تتحدث عن المناشير والمنشورات المكتوبة، ولا توجد أي إشارة للتدوين كشكل من أشكال الكتابة، وهو ما تفطنت إليه هيئة الدفاع التي شددت على انتفاء وجه المتابعة من الناحية الشكلية لأن المناشير والمنشورات التحريضية المكتوبة لا وجود لها، وهو ما يكشف أن النظام يعيش في زمن آخر وتشريعاته كذلك وأجهزته الأمنية القضائية في الوضع نفسه.
هذه المؤشرات وغيرها توضح جديا كيف أن جهاز القضاء يبقى أداة من أدوات تنفيذ قرارت السلطة التنفيذية، فرغم أن القانون يمنح نظريا للنيابة العامة صلاحيات كبيرة إلا أنه يتم تجاوزها من قبل الأجهزة الأمنية المختلفة، دون أية مقاومة من قبل القضاء ووكلاء الجمهورية، وهو ما حول فكرة العدل التي هي أسمى من القضاء إلى حلم مؤجل، بسبب انتقال الجزائر من قرينة البراءة إلى قرينة الإدانة كما أكد على ذلك المحامي نورالدين بن يسعد يوم أمس، وهي إدانة حولت القضاء إلى أكبر مسجون والقضاة إلى أدوات تبرير السجن، ووسط كل هذا يواصل الشعب نضاله من أجل تحرير الجزائر من منظومة فاسدة أصبح فيها حتى القاضي غير قادر من أن يحمي نفسه من تغول الأجهزة التنفيذية وعلى رأسها البوليس السياسي، الذي يعلق الحريات ويمارس الرقابة والمتابعة خارج أوامر النيابة العامة، ويعتقدون أنهم فوق القانون بل وهم القانون، ويحق لهم ما لا يحق لغيرهم، لأنهم في خدمة منظومة تعتقد أنها هي الجزائر بل حتى فوق الجزائر، ولذلك أصبح الشعب يطارد ويحاصر منظومة الحكم بكل أدواتها وفي كل مكان حتى في قاعات المحاكم وفي ساعات متأخرة من الليل، ولا يخاف من ترديد الشعارات والهتاف بتحرير المجتمع والقضاء حتى والناس نيام في الثانية صباحا.

الجزار في 24 فيفري 2020
تحرير وتصوير رضوان بوجمعة

LAISSER UN COMMENTAIRE

S'il vous plaît entrez votre commentaire!
S'il vous plaît entrez votre nom ici