رؤيتنا في وضع دستور دائم للدولة الجزائرية

0
260

محفوظ بـــدروني

(نائب رئيس الجمعية الوطنية لمكافحة الفساد)

06 أبريل 2020

تمهيد:

الدستور هو العقد الإجتماعي الذي يربط بين مكونات المجتمع أو الجماعة الوطنية و هو القانون الأساسي للبلاد الذى يجب أن تقوم عليه الدولة من حيث أنّه يتضمن المبادئ العامة للنظام السياسي فـي الدولـة و يبين القواعد الأساسية لشكل الدولة ونظام الحكم فيها و تنظيم السلطات العامة و توزيع الاختصاصات فيما بينها و علاقتها مع بعضها و ضمانات ممارستها و يحدد طرق الوصول إلى الحكم و ينظم العلاقات بين الافراد وحقوقهم وواجباتهم ويضع الضمانات تجاه السلطة.

فالدستور هو القانون الأسمى في الدولة من حيث أنّه هو الإطار الذي تعمل الدولة بمقتضاه في مختلف الأمور المرتبطة بالشؤون الداخلية و الخارجية. و هو القانون الأعلى في الدولة الذي يضع آليات فرض احترامه من قبل السلطة و المواطنين على حد سواء و يحدد المسؤولية و الجزاء المرتب علي ذلك، و يفرض أن تكون كل النصوص التشريعية و القانونية متوافقة معه و لا تخرج عنه.

أولا- الدستور من حيث طريقة و أسلوب وضعه:

تقسم الدساتير من حيث طريقة و أسلوب وضعها إلى دساتير ديمقراطية و دساتير غير ديمقراطية.

1°)- الدساتير الديمقراطية: هي الدساتير التي يتم وضعها عن طريق الجمعية التأسيسية و/أو الاستفتاء الدستوري و هي التي يتدخل فيها الشعب في كلتا الحالتين أو علي الأقل في مرحلة الإقرار و المصادقة. من هنا يعد الدستور ديمقراطيا متى تم وضعه من قبل الجمعية التأسيسية أو عن طريق الاستفتاء الدستوري، حتى و أن ركز كافة الصلاحيات أو غالبيتها في يد هيئة أو شخص واحد.

2°)- الدساتير غير الديمقراطية: هي الدساتير التي يتم وضعها بأسلوب المنحة أو العقد، وهي الطرق التي لا تسمح لشعب بالمشاركة في وضع الدستور سواء في مرحلة الإعداد أو مرحلة الإقرار و المصادقة. إن إسناد إعداد الدستور إلى لجنة مشكلة من أصحاب السلطة، و لو كانوا من ذوي الاختصاص، لا يعني تمتعها بحرية العمل، بل أنها تعمل وفق توجيهات السلطة التي لها أن ترفض أي اقتراح يحد من استمرار بقاء السلطة في يدها، و هذا ما توصف به مجموع الدساتير التي أقرت في الجزائر.

 وبناء على ما سبق، هناك أسلوبان رئيسيان في وضع الدستور وفق الطرق الديمقراطيةهما:

أسلوب الجمعية التأسيسية: هنا يقوم الشعب بانتخاب ممثلين له يكونون جمعية أو مجلسا تأسيسا يناط به وضع دستور يعبر عن إرادة الشعب و يكون نافذا بمجرد مصادقة الجمعية التأسيسية عليه. هذا الأسلوب ديمقراطي من حيث طريقة إعداده، و من حيث طريقة إقراره رغم عدم تدخل الشعب في عملية المصادقة عليه بصفة مباشرة.

أسلوب الاستفتاء الدستوري: في هذه الحالة يصدر الدستور من الشعب مباشرة، فيبدي رأيه فيه و لا يصبح نافذا إلا بعد الموافقة عليه. و ليس معنى ذلك أن الشعب هو الذي يجتمع و يناقش و يصيغ النص الدستوري مباشرة، و إنما يوكل الأمر إلي جمعية منتخبة تكون مهمتها وضع مشروع الدستور أو إلي لجنة معينة من قبل الحكومة و لا يكتسب الدستور قوته الإلزامية و الصفة القانونية إلا بعد موافقة الشعب عليه.(1)

و نحن نفضل الجمع بين أسلوب الجمعية التأسيسية و أسلوب الإستفتاء الشعبي من حيث أن الجمعية التأسيسية تكون مشكلة علي أساس تنافسي، تتولي بطريقة استقلالية دون تدخل السلطة التنفيذية إعداد و مناقشة مشروع الدستور التي أعدته و التصويت عليه  ثم يعرض على الشعب بغرض الاستفتاء عليه بعد مناقشات عامة مع إمكانية إثرائه من قبل الشعب و تقديم المقترحات و الملاحظات و التعديلات. و تعتبر هذه الطريقة أكثر ديمقراطية من غيرها، من حيث أنها تمكن الشعب من أن يناقش محتوى ومضمون الدستور و أن يقدم اقتراحات و تعديلات و أن يكون له الخيار بين عدة مشاريع و بدائل و ليس أن يقتصر دوره فقط على أن يختار النص الجديد أو يرفضه.

ثانيا- الشروط التي يجب توافرها لكي يعد الدستور ديمقراطيا:

تجدر الإشارة إلى أن الفقه الدستوري يتطلب توافر شروط معينة لكي يعد و يعتبر الدستور الذي تضعه الجمعية التأسيسية ديمقراطياً و يصادق عليه الشعب من خلال الاستفتاء، وهذه الشروط تتمثل في الآتي: 

1 ــ أن تكون الجمعية التأسيسية منتخبة بواسطة الشعب، لا أن يُعيَّن أعضاؤها من قبل الحكومة أو قادة الانقلاب و أن يكون الانتخاب ديمقراطياً، أي أن يتم انتخاب أعضاء الجمعية التأسيسية وفقاً لمبادئ الاقتراع العام، الحر، المتساوي،

السري و المباشر. 

2 ــ أن يكون الاستفتاء مسبوقاً بمناقشات كافية لكل وجهات النظر من مختلف فئات الشعب وقطاعاته، وهذا يستلزم بطبيعة الحال أن لا يُطلب من الشعب المشاركة في عملية الاستفتاء إلا بعد انقضاء فترة كافية على إعلان مشروع الدستور المقترح على الرأي العام بواسطة أجهزة الإعلام المختلفة (كالصحف والمجلات والإذاعة والتلفزيون و الانترنت … الخ)، و هذا حتى تتاح الفرصة الكافية أمام المواطنين للإطلاع على مشروع الدستور المقترح للوقوف على ما ينطوي عليه من مزايا و عيوب .

3ـ أن يُجرى الاستفتاء في جو من الحرية السليمة، بحيث يتمتع فيه المواطنون بالقدر الكافي من الحريات العامة، خاصةً حرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة وحرية الاجتماع. وهذا يستلزم بطبيعة الحال إتاحة الفرصة أمام الجميع أفراداً وأحزاباً من الموالاة أو المعارضة للتعبير عن آرائهم بحرية تامة، بعيداً عن أجواء الخوف و القمع. و لذلك لا يجوز استبعاد الاتجاهات المعارضة أو اضطهادها أو حرمانها من حرية التعبير عن آرائها.

أن تكون وسائل الإعلام حرةً ومستقلة ومحايدة و هذا حتى يستطيع الفرد أن يُكَوِّن رأياً مستنيراً و حتى يستطيع أن يزن الأمور بناءً على حقائق، أمَّا وضع رقابة على وسائل الإعلام أو جعلها تكتسي طابع الإرشاد والتوجيه والإقناع برأي واحد دون سواه، فمن شأنه أن يحول دون الارتقاء بمستوى تفكير المواطنين، وتنمية الوعي السياسي لديهم، وزيادة قدرتهم على تحمّل المسؤولية والاهتمام بالشؤون العامة .

5ـ أن تضمن نزاهة عملية الاستفتاء ذاتها، من حيث استعمال وسائل الدعاية والإعلام، وحرية وسرية التصويت، وأمانة فرز وحساب الأصوات المعبَّر عنها في الاستفتاء لمعرفة نتيجته النهائية، و أن يجري الاستفتاء تحت إشراف ورقابة جهات أو هيئات مستقلة و محايدة. فمِمَّا لا شك فيه أن تزييف نتائج الاستفتاء يُفقد الدستور كلَّ قيمةٍ حقيقية.(2)

و نحن نرى أن هذه الشروط لم يتوفر و لا واحد منها  في كل عمليات وضع أو تعديل الدستور في الجزائر.

 

ثالثا- في كيفيات انشاء الجمعية التأسيسية و تنظيم عملها:

الجمعية التأسيسية يجب أن تكون منتخبة من قبل الشعب إما انتخابا مباشرا أو انتخابا غير مباشر من قبل البرلمان، و عليه فإنّه تطرح أسئلة حول من هي الهيئة التي ستضع قواعد تنظيم الجمعية التأسيسية و كيفية  انتخابها ؟ ومن سيحدد عدد أعضائها و قواعد الترشح لها وشروطه ؟ و كيفية إدارة جلساتها و طرق التصويت ؟ و من له الشرعية للاضطلاع بهاته المهمة؟ ردا على هذه الأسئلة المشروعة نرد بما يلي:

1°)- البرلمان هو الذي ينتخب الجمعية التأسيسية:

بعد الثورة الشعبية و بعد رحيل النظام الاستبدادي و الدخول في مرحلة انتقالية محددة المعالم(3)، فإنّ الذي يتولى هذه المهمة هو البرلمان الذي يُنتخب خلال المرحلة الإنتقالية و يكون أعلى سلطة خلالها، من حيث أنّه هو الذي يُضفي الشرعية علي بقية مؤسسات المرحلة الإنتقالية و من بينها الجمعية التأسيسية، بأن يتولى المصادقة على قانون الجمعية التأسيسية الذي يحدد مهامها، عدد أعضائها، الشروط الواجب توافرها في المرشحين للعضوية فيها، معايير اختيار أعضائها، عدد كل فئة من الفئات المكونة للجمعية، مدة انجاز عملها، قواعد سير عملها و كيفيات و طريقة التصويت على مشروع الدستور.

2°)- الشروط الواجب توافرها في المرشحين للعضوية في الجمعية التأسيسية: يجب أن تتوفر في من يرشح للعضوية في الجمعية التأسيسية الأهلية العلمية من حيث الالمام بقضايا تنظيم الدولة و شؤون الحكم و تسيير الشؤون العامة و المام بمواضيع الدستور ومضامينه و أن تتوفر فيه الكفاءة المهنية من حيث الدراية بالحد الأدنى بالعلوم القانونية و أن تتوفر فيه كذلك النزاهة و المصداقية من حيث أنّه لم يسبق له أن تورط مع النظام الساقط في الفساد و الاستبداد.

3°)- كيفية اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية: ينبغي أن تتكون الجمعية التأسيسية من عدد من المواطنين المنتخبين يمثلون كل الفئات العلمية، جميع الحساسيات السياسية و الثقافية، و كافة الفعاليات النقابية و الحقوقية. و على أساس المعايير التي يضعها البرلمان في اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية، يتحدد عدد كل فئة من الفئات المكونة للجمعية التأسيسية وكيفية اختيارهم و التي ينبغي أن ينتقوا من فقهاء القانون الدستوري، علماء القانون، علماء السياسة، علماء الشريعة، أساتذة الجامعات، أهل الفكر و الثقافة، قضاة و محامون، نشطاء سياسيون و حقوقيون، نشطاء نقابيون و جمعويون، و أن يكون عدد أعضاء الجمعية التأسيسية مائة(100) شخص يوزعون بالتساوي بين الفئات العشر(10 من كل فئة).

4°)- كيفيات انتخاب أعضاء الجمعية التأسيسية: يتم ترشيح عدد لا حد له ينتمون إلى كل فئة من الفئات العشر المذكورة

من قبل أعضاء الجمعية التأسيسية و/أو من قبل أي جهة أو هيئة خارجة عن الجمعية التأسيسية أو شخص عادي (بمعنى

أنّه يحق لأي منظمة أو مواطن اقتراح عدد من الأشخاص ينتمون إلى كل فئة من الفئات المذكورة أعلاه)، ثم يعرض كل المرشحين على البرلمان الذي يتولى انتخاب عشرة من كل المرشحين و من كل فئة من الفئات أيّ أنّ الذين يتحصلون على المراتب العشرة الأولى من حيث عدد الأصوات من المرشحين من كل فئة فإنّهم هم الذين يفوزون بالعضوية في الجمعية التأسيسية.   

5°)- كيفية عقد اجتماعاتها و إدارة جلساتها: تجتمع الجمعية التأسيسية يوميا وتنبثق عنها لجان متخصصة فيحسب الأقسام التي يتضمنها و يحتويها الدستور. و تستمد الجمعية التأسيسية شرعيتها من كون كل المنتمين إليها منتخبين و ممثلين، لذلك فلهم كل الصلاحيات للخوض في كل المسائل التي تتعلق بمحتوى الدستور. كما يمكن لأعضاء هذه الجمعية استشارة المواطنين والاستماع لآرائهم مباشرة أو من خلال وسائل الاتصال المختلفة أو من خلال ما يصدر عنهم  من مواقف وتحركات. وتتوج أعمال الجمعية التأسيسية بسّنّ دستور جديد للبلاد يعكس التوجهات العامة لأعضائه المنتخبين و غالبية الشعب. و في حالة ما إذا حصل خلاف حول بعض بنود الدستور الجديد، فيمكن حل هذا الإشكال بالتصويت داخل الجمعية أو بإجراء استفتاء شعبي عام حول النقاط الخلافية. و لضمان شرعية الدستور الجديد يتعين عرضه على الاستفتاء العام و بذلك يكون دستورا ديمقراطيا يعكس تطلعات غالبية الشعب.

رابعا- في كيفيات وضع الدستور الجديد و مراحله:

نقترح أن يمتد عمل انجاز عمل الجمعية التأسيسية من ستة(6) كحد أدنى إلى تسعة(9) أشهر كحد أقصى، و هي مدة  معقولة بالنظر إلى الاعتبارات المذكورة أدناه. و في نظرنا فإنّ وضع الدستور يمر بثلاث مراحل هي: مرحلة الإعداد، فمرحلة الإثراء والمناقشة، ثم مرحلة الإقرار و المصادقة.  1°)- مرحلة الإعداد: خلال مدة ستة (06)أشهر ابتداء من تاريخ تنصيبها(الجمعية التأسيسية) كأقصى مدة، تتولى الجمعية التأسيسية كتابة و إعداد و صياغة مشروع الدستور. و يتضمن مشروع الدستور الأقسام التالية: الديباجة، المبادئ العامة للدولة المجتمع، الحقوق و الواجبات العامة، تنظيم السلطات، المؤسسات المستقلة و الهيئات  الإستشارية و الأجهزة الرقابية ثم في الأخير قواعد التعديل الدستوري.

2°)- مرحلة الإثراء والمناقشة: بعد انقضاء فترة ستة (06)أشهر، ينظم حوار مجتمعي وطني عام خلال فترة ثلاثة(03) أشهر باستعمال مختلف الوسائل لأجل مناقشة مشروع الدستور في مختلف أرجاء و نواحي الوطن و تلقي الاقتراحات و الملاحظات و التعديلات على بنوده. بعد ذلك تتولى الجمعية التأسيسية خلال مدة شهر واحد(01) أجراء مناقشة عامة حول المقترحات المقدمة من المواطنين و الجمعيات و الهيئات و اتخاذ قرار بشأنها أما بالقبول أو الرفض.

3°)- مرحلة الإقرار و المصادقة: عند انقضاء هذه المدة(شهر واحد) يتم إقرار الدستور باتباع أحدى الطرق التالية:

الطريقة الأولى: تصادق الجمعية التأسيسية على مشروع الدستور مادة مادة ثم يعرض على البرلمان للمصادقة عليه مادة مادة و بعدها يعرض على الشعب لإقراره عن طريق الاستفتاء دفعة واحدة أو يرفضه دفعة واحدة دون إمكانية إجراء أي تعديل على مواد الدستور الذي أقرته الجمعية التأسيسية ثم البرلمان.

ب- الطريقة الثانية: تصادق الجمعية التأسيسية على مشروع الدستور مادة مادة ثم يعرض على البرلمان للمصادقة عليه مادة مادة و بعدها يعرض على الشعب لإقراره عن طريق الاستفتاء مادة مادة. و على ضوء نتائج الاستفتاء، تتولى الجمعية التأسيسية إعادة صياغة و كتابة الدستور و إقراره  مادة مادة ثم عرضه على البرلمان من جديد للمصادقة عليه مادة مادة ثم يعرض على  الاستفتاء الشعبي لإقراره جملة واحدة دون إمكانية إجراء أي تعديل عليه.

ج- الطريقة الثالثة: في بداية عملها تحرر الجمعية التأسيسية المسائل و القضايا التي هي محل خلاف بين أعضائها و هذا قبل الشروع في إعداد الدستور و صياغته و تفصيله. و أعتقد أنّ المسائل و المضامين الأساسية التي يمكن أن تكون محل خلاف أساسي بين مكونات المجتمع و النشطاء السياسيين هي المسائل التي تتعلق بطبيعة النظام السياسي، طبيعة نظام الحكم، نوع و شكل الدولة، المسائل المتعلقة بعناصر الهوية(مكانة الإسلام في النظام السياسي أو المرجعية الإسلامية للدولة و اللغة/أو اللغات الرسمية للدولة). و في هذا الإطار، يتم عرض كل الخيارات الممكنة المتعلقة بهذه المسائل و المضامين على الشعب للاستفتاء عليها أولا و الفصل فيها نهائيا. و على ضوء نتائج الاستفتاء الشعبي، تتولى الجمعية التأسيسية كتابة و صياغة الدستور و التصويت عليه مادة مادة ثم يعرض على البرلمان للمصادقة عليه مادة مادة ثم يعرض على الاستفتاء الشعبي لإقراره جملة واحدة دون إمكانية إجراء أي تعديل عليه.

كما يقترح البعض في هذا الموضوع عدم التطرق إطلاقا إلى عناصر الهوية و عدم الخوض فيها أو النص عليها في الدستور و ترك الأمر للأغلبية البرلمانية في إقرار ما تراه مناسبا في هذا الأمر. و الأمر في نظري متروك للجمعية التأسيسية للفصل فيه طبقا لما هو مخول لها في القانون الذي يقره البرلمان.

(1)- منقول بتصرف من مقال منشور بالإنترنت.

(2)- منقول بتصرف من مقال منشور بالإنترنت.

(3)- راجع ما كتبه صاحب المقال حول المرحلة الإنتقالية.

LAISSER UN COMMENTAIRE

S'il vous plaît entrez votre commentaire!
S'il vous plaît entrez votre nom ici