الترميم المستحيل لجدار الخوف

0
495
Nadjib Belhimer

تطغى حملة الاعتقالات وتشديد القبضة الأمنية على العاصمة والمدن الكبرى على الزمن الانتخابي، وتكشف هذه المفارقة عن حالة فصام تعيشها السلطة وزبائنها من منشطي « العرس » الذي يجري في ظل كتم الأنفاس.أحكام بالسجن تصدر على عجل، وشباب يودع الحبس المؤقت بتهم قد تلبس أي عابر سبيل بصرف النظر عن النوايا التي باتت محل تفتيش، وكل هذا يجد تبريره في الحرص على تمرير الانتخابات التي يقال انها « حرة » و »نزيهة ».تكون الانتخابات نظيفة في أجواء الطمأنينة والأمن، لكن يبدو أن هناك رؤى متناقضة للأمن، وما نفهمه من قراءات السلطة أن جزء من الجزائريين تطالهم شبهة نية إفساد « العرس » والتشويش عليه ولذلك وجب ترويعهم وإخراجهم من المشهد بشكل كامل بتغييبهم في السجون وجرهم إلى ساحات القضاء.
لا أحد يهتم بأجواء الخوف والتوتر وهذا الشعور الزاحف بالظلم، فالانتخابات في بلادنا ليست آلية للتداول على السلطة والتحكيم والتغيير، بل هي غاية في حد ذاتها من خلالها يرمم نظام الحكم واجهته.يخبرنا القمع المرافق للحملة الانتخابية بأهمية هذه الخطوة في نظر السلطة، وما يجري لعناصر الحماية المدنية الذين ساروا رافعين مطالبهم الاجتماعية والمهنية يوحي بأن إعادة بناء جدار الخوف هو المشروع الوطني الوحيد الذي تجتهد السلطة في تنفيذه استعدادا لتسيير السنوات العجاف.
يخسر المشاركون في « العرس » الانتخابي المعركة الأخلاقية وهم يتجاهلون آلام الأمهات اللواتي يتحسسن أخبار أبنائهن وبناتهن الذين ألقي بهم في السجون، ودموع أطفال غيب أباؤهم بأحكام غير مفهومة، ومع هؤلاء المرشحين تتضاعف خسارة السلطة بإصرارها على الوقوف على طرف نقيض من الشعب الذي تحكمه رغما عن إرادته، وفي هذا الجو الكئيب يتراكم الغضب وتتسع الشروخ لتغلق كل الأبواب أمام إمكانية ترميم هذا البناء المتداعي الذي لن يجد جدار الخوف ليسنده لأن إعادة بناء هذا الجدار باتت مستحيلة.

LAISSER UN COMMENTAIRE

S'il vous plaît entrez votre commentaire!
S'il vous plaît entrez votre nom ici