الجزائر المحتلة بقوى الرداءة والفساد والفشل

1
857

Djenah Messaoud

 

سنكتشف بعد فوات الآوان ، النتائج المدمرة لسيادة منطق القوة على منطق العقل .فالفساد ومظاهر العنف التي مست جميع مناحي الحياة ليس سوى الجزء الظاهر من نتائج هذا المنطق االمقلوب . لقد تسربت إلى جسم المجتمع الجزائري عدة أمراض ليس أولها العنف السائد بجميع أشكاله وليس آخرها هذا الانفجار الرهيب للفساد الحكومي ، أمراض لا تعالج في الاعلام الحكومي ومعه صحافة حك تربح المسماة المستقلة ؟

علاوة على التعاطي معها بالمسكنات والوعود غير المدروسة والحلول الهجينة على المستوى الحكومي . أما على المستوى الشعبي ،فنجد الاستكانة وانتظار الفرج والتعبير عن رفض هذا المنطق بأصوات خافتة في اغلب الأحيان . فالواقع المعيشي للمواطن الجزائري ( الأغلبية ) لا يتأثر بالبحبوحة المالية التي لا فضل لأحد فيها غير آبار الجنوب وبورصات لندن ونيويورك، فهي ليست نتاجا لعبقرية أحد في الجزائر كائنا من كان.

لقد رأينا على مدى عقود من الحكم المزاجي لسلطة تمارس شراء الذمم والهروب الى الأمام ، ظواهر غريبة وعجيبة لم يخبرها الجزائريون والجزائريات منذ العهد التركي إلى الآن.فقد عاد حكامنا إلى منطق العشيرة والقبيلة باعتمادهم على مال الشعب في شراء الذمم والأنصار وخلق طبقة سياسية من السماسرة والبطالين وأخرى من الممثلين للمصالح الأجنبية في البلد وصحافة تجمل القبح برسم مئات المليارات التي تقبضها في شكل اشهار على الرغم من عدم مقرؤيتها . وهكذا عمّ الفساد وانتشرت الجريمة والمخدرات بشكل لا فت ومع هذه وتلك شتى أنواع الإلهاء للشعب والإمتاع للمقتدرين فلم تتمكن السلطة بالرغم مما تملكه الجزائر من قدرات مادية وبشرية و صلاحيات غير محدودة من القضاء على الأمية في التسيير ولا على واحدة من أسباب تخلف قطاع من القطاعات وتغيير الواقع فيها على الرغم من سيادة منطق المعارف و الجهة هذه العقيدة الثابتة لدى السلطة وراء الخراب الماثل .

فعلى مستوى الحكم في الجزائر ، يتعايش الدهاء والذكاء الغباء والتحالفات والتموقعات ،لكن ليس لتغيير واقع التخلف الذي لم تغادره الكثير من أرياف الجزائر وحواضرها منذ العهد الفرنسي . لقد عرفنا ماذا انتج برنامج الرئيس الراحل وكيف التهم مخططه الخماسي الثاني 2009/2014 بشهادة الوزير الأول سلال 134 مليار دولار في شكل تكاليف اضافية وآجال اضافية تفوق مجتمعة فترات اقلاع عشرات الدول في آسيا وأوروبا في أكبر عملية هتك لعرض الوقت والخزينة في تاريخ البيروقراطية الصينية والفرعونية قبل مئات السنين .

وتجدر الاشارة هنا الى فشل أغلبية المشاريع في الجزائر منذ الاستقلال بالنظر لواقع التخلف الماثل وترتيب الجزائر حسب المنظمات الدولية وغير الحكومية ، بسبب سوء التخطيط والدراسة المتأنية بالرغم من اللجوء إلى الخبرة الأجنبية حتى في الأمور التافهة ، وقد رأينا بماذا عادت على الجزائر و كم كلفت تلك المكاتب التي تم الاستنجاد بها لمرافقة عملية الخوصصة وغيرها والتي تفوق مستحقاتها قيمة الأصول المنقولة التي بيعت وما قضية خوصصة القرض الشعبي الجزائري وجيزي إلا مثالا عابرا .. لقد استثمرت أموال الجزائر في تمويل الواردات من الزبالة الآسيوية والأوروبية من أعلاف الحيوانات إلى أعلاف البشر وبعض التجهيزات .لقد عرفت الجزائر طفرات مالية كانت كافية لإقامة أحدث المستشفيات والمخابر والجامعات ومعاهد التكوين العالي ، لكنها ذهبت نحو مشاريع هي في الأصل لإنقاذ شركات فرنسية وغيرها وحتى أن بعضها وضعت لكي تنهب اموالها وليس لكي تنتج ولن تهتلك قيمتها قبل عقود طويلة فالشيء الوحيد الذي يراهن عليه هذا النظام هو فهمه للتركيبة الذهنية للشعب الجزائري الذي يتسم بالطيبة ويؤمن بالقدر وعلى قدر كبير من التسامح إزاء حكامه.فالرئيس الراحل على سبيل المثال ( رجل ميكيافيلي النزعة ولا يؤمن بغير الدهاء والقوة ، الوحيد الذي اعتبر الجزائر مزرعة خاصة له وللعشيرة والأقارب والندماء ، استباحوها وعاثوا فيها فسادا ، فهو استاذ وكرسي في فنه ونظرته للحكم والسياسة ، يدعى التقوى والقوة ، يتغاضى عن الظلم والحيف في حق الشعب ، يدعي الشجاعة لكنه يضاهي النعامة عندما يتعلق الأمر بالمواجهة مع المفسدين واللصوص من اختياره ومحيطه ، يدعي مواكبة العصر بل و يفكر بعقلية الحرب الباردة ، رجل بفضل استيراد كل ما هو أجنبي بدلا من صنعه محليا ، فماذا حدث يا ترى منذ مجيئه غير تقهقرنا إلى مؤخرة الترتيب في الإحصائيات الدولية للتطور والتنمية . فالجزائر بلد يملك كل مقومات النهضة وليس قدرها المحتوم أن تحكم من طرف رجل يختصرها في شخصه كرئيس للقبيلة أكثر منه رئيسا للجمهورية.

فهل يجب أن لا يلام على مساهمته في تقوية الفساد والسكوت على المفسدين وخلق محميات ودولة في قلب الدولة لا همّ للقائمين على شؤون هذه الأخيرة ( الدولة ) المتدهورة ذاتيا غير تأمين الحدود القصوى للرفاه والاغتناء لحراسها واجهزتها النبيلة على حساب الفقراء القدامى والجدد والتفكير في كيفية البقاء في الكرسي وإقامة التحالفات والتستر بمنطق القوة على الفساد الذي ينخر الدولة والأمة

1 COMMENTAIRE

LAISSER UN COMMENTAIRE

S'il vous plaît entrez votre commentaire!
S'il vous plaît entrez votre nom ici