قوة الحق

0
2244
Nadjib Belhimer

بعد أن دس مشيعوه جسده في التراب وقف رجل على قبره ينبه من ساروا خلف الأستاذ عبد العالي رزاقي إلى أن اللحظة للدعاء له.

بصوت قوي، يصل إلى أركان مقبرة سيدي فرج كان الرجل يذكر بأبرز خصال الراحل » لقد كان يقول الحق ويقف في صف الحق ويدافع عن الحق »، يطمع الجميع في أن يشفع هذا الرصيد العظيم لعبد العالي في دار البقاء بعد أن رفعه عاليا في دار الفناء.

كثير من الناس يغبطون عبد العالي على ذلك التبجيل والاحترام الذي تدفق عبر كلمات النعي والعزاء التي طفحت بها منصات التواصل الاجتماعي، وكلها كانت قد قامت على تكريم قول كلمة الحق وتقديس الانحياز إلى الحق الذي يعني التصدي للظلم وفضحه ومحاربته.

جمعت جنازة عبد العالي رزاقي ألوانا مختلفة من الناس وكانوا على درجات من قول الحق والوقوف في صفه، كان هناك من اختاروا الصمت وفي مقابلهم من ضحوا ويواصلون التضحية من أجل أن يبقى صوت الحق مسموعا حتى لا يتوهم الظلم انه حسم المعركة إلى غير رجعة.

عندما كان الصوت الجهوري يخترق الأرجاء مذكرا بفضيلة الانحياز إلى الحق بدت وجوه المشيعين وكأنها تشي بأمنية أن ينالو شيئا من هذا الفضل حين يأتي دورهم في هذه الرحلة الحتمية.

تذكر سعد بوعقبة القهر الذي يعيشه وبكى كما لم يفعل ذلك من قبل، وسمعت من يهنئ عبد العالي براحة أبدية من القهر والخوف الذي قاومه بالمزيد من قول كلمة الحق.

بعض الذين يلتزمون الصمت يعرفون أن عبد العالي كان يقف في المكان الصحيح حيث يجب أن يكون كل نزيه لكنهم يعزون النفس بأنه لم يكن بإمكانهم أفضل مما كان.

رحيل عبد العالي ذكرنا بالقهر الذي نتقاسمه في صمت ونعبر عنه بأنين أو صراخ، وبهذا العجز الذي نواجه به مصائرنا منفردين ونحن نقرأ أخبار سقوط أحكام بالسجن على من يقولون كلمة الحق من النساء والرجال.

ذهب عبد العالي ليلحق بأبيه الشهيد وتركنا هنا ننوء بحمل أمانة ثقيلة هي قول الحق والانحياز إليه، وما لنا من خيار غير حمل تلك الأمانة لأنها شرط الإنسانية.

رحم الله عبد العالي رزاقي وأكرم نزله فهو الآن عنده وهو الحق الذي لا يظلم أحدا.

LAISSER UN COMMENTAIRE

S'il vous plaît entrez votre commentaire!
S'il vous plaît entrez votre nom ici