نقض الاسترابة من الصمت العربي حيال مأساة غزة وجنوب لبنان

1
45


Sep 27, 2024

https://www.raialyoum.com/

بشير عمري

لا مراء في أن الكثير من العرب والمسلمين في عمومهم وخاصتهم، يتساءلون باندهاش عن سبب هذا الصمت العربي الرسمي والشعبي حيال مجازر ليست ذات سبق ولا شبيه في تاريخ الإنسانية وأكثرها توثيقا صورة صوتا في تجربة الابادة في كل من غزة وجنوب لبنان؟

صحيح أنه لا أحد راهن على عمل عربي جاد باتجاه، لا نقل ردع الكيان الصهيوني، منذ أن باشر عدوانه على المدنيين الفلسطينيين بعد الضربة الاستباقية للمقاومة الفلسطينية في غزة، ارتجاعا للتاريخ العربي الرسمي في التعامل مع هذه المعضلة مذ أسس الكيان في قلب الامة سنة 1948، لكن في المقابل، لم يتوقع أن يكون الجمود شبه الكلي من عديد الدول المركزية ودول الطوق بهذا الشكل الغريب المريب، راح البعض من الملاحظين المحايدين إلى حد تفسيره بكونه تواطؤ مع الكيان الصهيوني لتصفية المقاومة في غزة والشروع في آخر مراحل وضع القواعد لما اصطلح عليه “الشرق الأوسط الجديد” القائم مفهومه على نزع الخصوصيات التاريخية للمنطقة وجعل الجغرافيا أساس الانتماء بما يعني الاستباحة النهائية للمكان على حساب الانسان.

لكن ثمة عناصر أخرى كانت مُساهمة ولا شك في وصول العرب رسميا وشعبيا إلى هذا الهوان التاريخي بإزاء المحنة الكبرى التي تمر بها القضية الرئيسة للعرب وللمسلمين وهي فلسطين، ومن أهمها وضع الجبهة الداخلية لكل دولة، فالناظر بتمعن في هاته الدول ونظمها حالة بحالة، يكاد يخلص إلى نتيجة واحدة، تعكس مدى بؤس التجربة القطرية للدولة الوطنية العربية مذ تأسست على يد الاستعمار أو استقلت عنه بعد عقود من التنكيل الفكري والسياسي والبشري لمجتمعاتها.

فالجبهة الداخلية للدولة الوطنية العربية التي لم تستقيم على نهجها الطبيعي، رغم قرابة النصف القرن أو يزيد عنه أو ينقص قليلا عن ظهورها، إلا أن وضعها السياسي والأمني الداخلي، لا يزال طفوليا ولم يبلغ مرحلة المراهقة في تجربة الشعوب والامم حتى، وليس في ذلك من مبالغة في شيء، إذا ما حاولنا مسح المنطقة برمتها حالة بحالة، لمعرفة صورتها من الديمقراطية وحقوق الانسان وحرية التعبير، وقيمة المؤسسات السياسية ومصداقيتها العملية، حيث ستضح حتما حالة لا المنطق والفوضى والاستبداد الطوعي والالزامي، وغياب تام لعنصر المواطنة بل وغياب لعنصر الوعي بها، ما أفضى إلى استمرار التلاعب بالعقول جماعة وفرادى، والاطباق بالتالي على مصير هذه الشعوب واقتيادها وفق ارادات عصاباتية تخدم عبر رعايتها لمصالح القوى الأجنبية التي أتت بها أو تعمل على ابقائها على راس شعوبها، مصالحها الشخصية والاسرية والطائفية لا غير.

بقاء الجبهات الداخلية لهذه الدولة في قلق وفوضى وهشاشة دائمة، ليس يعني أنها لا تقل مأسوية عن المسألة الفلسطنية، غاية ما هنالك من اختلاف هو في طبيعة وهوية العدو المباشر والواضح، وبالتالي كيف يمكن التفكير في قدرة هاته البلدان المسماة عربية على، لا مساعدة الفلسطينيين واللبنانيين في صد العدوان الهمجي البربري الاجرامي للكيان الصهيوني المدعوم بسلاح وسكوت الغرب الأطلسي والشرق المادي المصلحي، بل بمجرد ابداء التضامن والادانة والشجب كما كان عليه الحال في السنوات الماضية، وهو ما يعني أن العرب تراجعوا وتخلفوا حتى عن مواقفهم السلمية وفقدوا القدرة عليها في إدانة الاجرام الصهيوني المكشوف، فما بلك بمساندة ومساعدة المقاومة لدحره.

فالموقف بدرجات خزيه وعاره الظاهرة للعيان لعدو الأمة قبل صديقها، كشف بما لا يجب أن يظل موضع شك إلا لفاقد الاهلية الإنسانية، في هذا الوطن الممتد من صحارى الربع الخالي إلى متنفس المحيط الأطلسي، أن هذه القطريات المزعومة في الوجود التاريخي والجغرافي ليسها أكثر من كيانات مصطنعة لا تقوم على أفق ذاتي استراتيجي في الحضور في بهو التاريخ وحلبات صراعه، وإنما هي مصطنعة ومعمولة لشل كل قدرات التفكير خارج منطق القطيع الذي هواه الأول والأخير سبل العيش من كلأ مضمون وحرية في سياحة بهيمية داخل السياجات القطرية هاته.

فالكيانية بهذا المعني تبدو فائقة المأساوية عنه في النموذج الصهيوني المسمى “إسرائيل” ذلك لأن هذا الكيان تجاوز عمليا مرحلة الكيانية، وصار قوة فعلية في المنطقة بعدما أقام له مؤسسات وجمع شتاته الاثني وقدراته العلمية والمالية الكبرى التي تحضر في كل مؤسسات القوى الناعمة في العالم بشكل فعلي وفعال، منتجة بذلك عناصر البقاء العنصري والمصير لكينونتها وكيانها.

لكن ثمة عنصر خطير في التأسيس لهذا الموقف العربي المخزي، وهو دور النخب واخفاقها المهول في الاستثمار في كبريات حوادث التاريخ لإعادة رسم مسارات التمشي لهذه الامة المكلومة، ويتجلى الدور السلبي لهاته النخب في مشهدين، الأول هو الترف الخطابي الأيديولوجي، والثاني التواطؤ مع المنظومات الحاكمة لهاته الكيانات العربية السلبة والسلبية.

فعلى مستوى ترف التعارك الأيديولوجي، لا تزال طائفة هذا المنزع متلهية بنقض الأساس الثقافي والحضاري لهذه الكيانات، وتعتبر المشكل هو في موروثاتها وخلفياتها وتعمل بذلك دوما من حيث درت أم لم تدر، على اركاس جهود وتطلعات المجتمعات نحو قضاياها الجوهرية كالحرية والمواطنة بفرض قراءات فلسفية غاية في التمثيل والمثالية النظرية للتاريخ، قراءات قبلية جاهزة بحسبانها طوق النجاة مما هي عليه هذا الكيانات قبل التفكير في أي عنصر سياسي وسيادي آخر، لذا رأينا هاته النخب تفحش في نقد حركة 07 أكتوبر للمقامة الفلسطينية وتكيل التهم لقيادتها عبر منزع أيديولوجي محض لا علاقة له بحقيقة الميدان,

وهي بذلك تتفق في جزئية مع النخب المتواطئة مع النظم العربية القائمة في هذه الكيانات، في نقد بل ونقض حركة 07 أكتوبر، لكن ثمة اعتبارات أخرى للفرقة النخبية المتواطئة أهمها، العمل على تكريس الرؤية الرسمية لما يجري بالمنطقة سواء سبق ذلك أم تلا بداية الحرب على غزة، فالمسار الرسمي كان المضي نحو التطبيع، تقوده دول مركزية في العالم المسمى عربي، وأي تمرد عليه سيكون بمثابة خلخلة لأفق منظومة عمل رسمها الغرب في عملية استعداده لمعركة الفصل العولمية التي باتت على مرمى من حجر بالنظر لسياق ونسق الاستقطاب العسكري والاقتصادي والديبلوماسي المحموم المشهود حاليا.

فلا بد إذاً، ان تزول كل دواعي الدهشة والغرابة من الموقف العربي الشعبي والرسمي بإزاء ما يكابده العرب في غزة وجنوب لبنان من ويل التقتيل والتهجير والتدمير، طالما أن كل هذه  المشاهد كامنة أسبابها في القطريات العربية مع الفرق في طبيعة العدو المباشر، فبدون حلحلة تاريخية للمشاكل القطرية الداخلية بترسيخ قيم المواطنة وتكريس الديمقراطية تنزع عن هذه القطريات عاهة الكيانية والاصطناع التاريخي والجغرافي وهذا من خلال دور يتوجب أن تنهض به النخب، دون ذلك، سيستمر الوضع على حاله إلى أن يبلغ مستويات أخرى في الهون الخزي لهذه الكيانات إن ظلت كائنة.

كاتب سياسي جزائري

1 COMMENTAIRE

  1. IL YA 800 ans de ça l empire musulman se disloquait après sa défaite contre les catholiques d espagne a leur tête la fameuse Elisabeth, en revenant d espagne certains se sont installé dans le maghreb, mais figurer vous tous leurs richesse apporté avec eux fut voler durant le chemin, se trouve actuellement in america

LAISSER UN COMMENTAIRE

S'il vous plaît entrez votre commentaire!
S'il vous plaît entrez votre nom ici