وحدها السلمية تقبر نظام العنف

0
2104
Nadjib Belhimer

كثير من الدروس تتهاطل علينا هذه الأيام، يدور معظمها حول حرية الرأي، والديمقراطية، ونبذ العنف، أما المناسبة فهي تصاعد أشكال الرفض للانتخابات التي تسعى السلطة إلى فرضها.
تشخيص الوضع القائم الآن يتلخص في سلطة بدأت في فبركة انتخابات من أجل تعيين رئيس من ضمن خمسة مرشحين لا تخفى صلتهم بالنظام الفاسد، ولبلوغ هذا الهدف تم تجنيد كل وسائل الدولة، وتم استعمال الضغط والابتزاز والاحتيال والإغراء سواء لتنصيب هيئات شكلية، أو لتنظيم مسيرات مساندة، أو لتجنيد أشخاص للعمل في مكاتب التصويت، ولضرورة فبركة الانتخابات تم اعتقال العشرات من المصنفين كمشوشين على الخطة، وأسكت الإعلام، وبقي صوت السلطة وحيدا يصاحبه رجع صدى ينطلق من حناجر وجوه مستهلكة تخصصت في تبرير كل خيارات النظام في مختلف المراحل دون ان تشعر بحرج الوقوع في دعم المتناقضات.
كل هذا فعل عنيف ولا أخلاقي، ويعترف مساندو هذا الخيار من المحسوبين على النخب انهم يناصرون الطرف الأقوى وليس صاحب الحق، وهم مقتنعون تماما ان السلطة تمارس عنفا ضد المجتمع لكنهم لا يملكون الشجاعة الكافية للتضحية بالامتيازات.
المشكلة اليوم تبدو أكثر تعقيدا لأن سلوك السلطة يأتي بعد نحو عشرة أشهر من ثورة سلمية ميزها الصبر والثبات، وهذا يشيع شعورا بالإهانة لا يختلف كثيرا عن ذلك الشعور الذي أثارته العهدة الرابعة وتراكم لسنوات لينفجر يوم 22 فيفري عندما بلغت الإهانة مداها.
العنف المقترن بالإهانة يولد ضغطا هائلا على فئات واسعة من المجتمع لا تحتمل سماع أكاذيب السلطة وزبائنها بعد أن سمحت الثورة السلمية للجزائريين باستعادة كرامتهم، وترميم صورتهم التي شوهها النظام بممارساته، ومن هذه الزاوية يجب أن ننظر إلى بعض ردود الفعل المتشنجة من المواطنين الرافضين للانتخابات في الداخل والخارج، وهنا يجب التذكير بأن الحد الأدنى من الأخلاق يفرض الحديث عن هذه الممارسات كرد فعل أثاره عنف ممنهج تمارسه السلطة منذ أشهر وباستعمال وسائل ثقيلة.
الآن نصل إلى السؤال الأهم ما هو الخيار المتاح ما دامت السلطة ماضية في فرض الانتخابات بالقوة؟ يجب اعتبار الانتخابات امتحانا للسلطة وليس للثورة السلمية، ورفضها يعني رفض العملية برمتها بما في ذلك النتائج التي ستترتب عنها، وحالة الاحتقان السائدة مردها الاعتقاد بأن تمثيل مسرحية انتخابية يوم 12/12 يعني نهاية الثورة السلمية وهذا غير صحيح.
العنف سمة أساسية في النظام، وهو أيضا أداة سيطرته، والعنف الذي نلمسه في الخطاب الرسمي، وطرق الاحتيال المعتمدة، وخنق الحريات، هو تعويض عن إسقاط ورقة القوة الخشنة من طرف الثورة السلمية، وعندما نقول ان العنف سمة النظام فهذا يعني انه مكون اساسي في ثقافته وممارساته، والثورة السلمية تستهدف تغيير هذا النظام العنيف ولذلك سيبقى هدفها الأول منعه من العودة مجددا الى استعمال القوة الخشنة بالاستمرار في الضغط السلمي حتى تفكيك هذه الآلة القاتلة التي تهدد وحدة الجزائر وطنا وأمة.
لن يستطيع النظام التقاط انفاسه ما دام الجزائريون يتظاهرون بسلمية وبأعداد كبيرة، وسيكتشف هذا النظام يوم 12/13 انه وقع في حفرة لن يخرج منها أبدا فالانتخابات قبر النظام.

LAISSER UN COMMENTAIRE

S'il vous plaît entrez votre commentaire!
S'il vous plaît entrez votre nom ici