العقد الاجتماعي الذي يقطع مع هيمنة »التطبيع » و »التطويع »

0
1720
Redouane Boudjema

الجزائر الجديدة 156

يواصل الشعب الجزائري مسيرته نحو التحرر من منظومة الفساد والاستبداد والاقصاء والكراهية… التي فرضت كل الرؤساء في الجزائر من أحمد بن بلة إلى عبد المجيد تبون.
وقد تزامنت هذه الجمعة مع ذكرى وفاة ثاني رئيس حكومة مؤقتة، السيد بن يوسف بن خدة، الذي انقلب عليه العسكر وفرضوا أحمد بن بلة بدلا عنه، بعد مؤتمر طرابلس الذي لم ترفع جلساته إلى اليوم.
هذه الجمعة رفع فيها الحراك صور بن خدة كما رفعت صورة نجله حسن بن خدة.. شهيد الحراك.. وفي كل هذه المسيرات، تسقط الثورة – في كل مرة – المناورات والمؤامرات التي تستهدف محاولات تشوية هذه الثورة السلمية بالتخويف والتخوين تارة، وبوعود التسويف التي تريد تأجيل كل مطالب بناء التوافق التاريخي الذي يؤسس للعقد الاجتماعي الذي يبني مضمون قواعد وأخلاقيات الممارسة السياسية التي تمكن المجتمع من ممارسة حرياته كل حرياته، بدء من الحق في القطيعة مع منظومة التعيين التي تصادر حق الشعب في اختيار من يحكمه إلى حقه في بناء كل السلطات المضادة التي تضمن مساءلة مدنية لكل من يسير الشأن العام، من رئيس الجمهورية إلى الوالي ورئيس البلدية… وغيرها من المسؤوليات، لأن المجتمع يريد أن يبني دولة المواطنين والمواطنات ودولة الحقوق والواجبات ودولة المساءلة الرافضة لأية أيديولوجية تسعى لتكريس الهيمنة والأبوية المنتجة للعنصرية الاجتماعية.

من إسقاط بوتفليقة إلى رفض منظومة التعيين

الجمعة 51 من انطلاق الثورة السلمية، تأتي بعد عشرة أشهر من إنهاء حكم شخص بوتفليقة، وهي تاسع جمعة رافضة لفرض تبون في قصر المرادية رغم الرفض الشامل لاقتراع 12 ديسمبر الذي كشف عن رفض السلطة لأي تنازل عن منطق احتقار الشعب ورفض إرادته في اختيار من يحكمه وفي تغيير قواعد اللعبة السياسية التي تعطى لأجهزة تمارس السلطة خارج المؤسسات وخارج الدستور.
هذه الجمعة التي عرفت مشاركة قياسية في كثير من الولايات التي خرج فيها المواطنون والمواطنات لتجديد العهد مع قسم الثورة السلمية ومسارها ورؤيتها ومطالبها، قسم عنوانه الأساسي السلمية، والقطيعة مع منظومة العسكرة، قطيعة تسعى لبناء دولة المواطنين والمواطنات والحريات التي تحمي الجيش من كل الصراعات السياسية والأيديولوجية والهيمنة الاقتصادية، كما تحميه من أمراض الشخصنة، حتى لا يصبح محل استراتيجيات الهيمنة الدولية التي سبق لها وإن دمرت العديد من الدول في المنطقة بسبب كل هذه الأمراض.
وقد كشفت هذه الجمعة عن عمق الإصرار الشعبي على إنقاذ الدولة من كل المغامرين، ومن كل المنتفعين الذين يمارسون التضليل لضمان استمرارية منظومة تمكنهم من ممارسة السلطة دون حسيب ولا رقيب، وبتكريس الرداءة والفساد التي تمكن هؤلاء من الاستفادة من كل الريوع، مما يهدد كيان الدولة في العمق.
ولذلك تواصل الأمة الجزائرية بكل تنوعها، وبمختلف أجيالها النضال في الوقت الذي تستعد فيه الثورة لدخول السنة الثانية، بعدما أنهت في السنة الأولى حكم نرجسية شخص مريض ومقعد، إلى رحلة إنهاء المنظومة التي أنتجت أمثال بوتفليقة وتبون وأويحيى وسلال.. وغيرهم الكثير من رجال السلطة الذين لا يعرفون الحد الأدنى من ثقافة الدولة، لذلك تبقى هذه الثورة الطريق الأسلم لبناء العقد الاجتماعي الذي يقطع مع هيمنة التطبيع والتطويع، فهذه الجمعة جددت فيها الأمة رفضها التطبيع مع الفساد والاستبداد والاستعباد، وتصديها لكل محاولات استخدام التخوين والتخويف من أجل تطويع كل الحرائر والأحرار.

الجزائر في 7 فيفري 2020
تحرير وتصوير رضوان بوجمعة

LAISSER UN COMMENTAIRE

S'il vous plaît entrez votre commentaire!
S'il vous plaît entrez votre nom ici