http://www.elhayatonline.net/
الأربعاء 29 جوان 2016 37 0
كم من صحيفة أغلقها شحّ الإشهار، وكم من موقع إلكتروني إخباري توقف بسبب مشاكل مالية، وكم من قناة شَمَّعَ أبوابَها قرارٌ فوقي سقط على رؤوس أصحابها، وكم من صحفي صيّر إلى السجون تماما كما يصيّر إليها القتلة وباعة المحذرات والمفسدون (ليس كلهم)، مَنِ تضامن مع هؤلاء ومَن أحجم؟ و من حوّل قضية هؤلاء إلى قضية رأي عام، أي يعلم بها أغلب الناس بالشارع ولهم رأي تجاهها، لا أحد طبعا، و السبب أن فعل التضامن في قطاع الصحافة والإعلام تحديدا هو فعل انتقائي بامتياز، تماما كما في مجال النقد الأدبي، عندما يحل نقد الاخوانيات والمجاملات والعلاقات الشخصية محل النقد البناء.
ومجموع القضايا التي صارت ترتبط بقناة الخبر بدءا بصفقة التنازل عن بعض أسهمها لرجل الأعمال ايسعد ربراب، مرورا بتجميد القضاء الصفقة، وانتهاء بتوقيف برنامجين تلفزيونيين، و كل الهالة التي تحيط بالقناة وأصحابها، هو تضامن انتقائي ، لم تشهده الساحة الإعلامية عندما تم توقيف بث قناتي » الأطلس » و « الوطن » وسجن مالك الأخيرة، وحجز أجهزة وعتاد المؤسستين، وتشريد صحفييها، و(خطف) لقمة العيش من أفواه أبنائهم ونسائهم، لم يحظ هؤلاء بنفس الدعم الذي تحظى به ( جماعة الخبر) رغم أن التضامن، عندما يتعلق الأمر بأرواح الناس ولقمة عيشهم وبالحريات والحقوق، لا يجب أن يكون انتقائيا، تتحكّم فيه الايديولوجيا، و(الصحوبية)، فيما المطلوب أن يظل فعل التضامن، منزّها من كل اعتبار، موقفا ثابثا لا يقبل القسمة على اثنين.
ليس هناك قطاع يأكل أولاده مثلما يفعل قطاع الإعلام .. هو يتهم الجزائر ( السلطة ) بأكل أبنائها بأن تدفع بهم إلى ركوب زوارق الموت وأكل ( الحشيش ) أو الانتحار شنقا ، لكن ( الفاعلين ) في هذا القطاع يمارسون بينهم وضد بعضهم البعض (الإقتتال) الصامت، كأن لا يفوّت أحدهم فرصة إطلاق النار على الآخر كلما كان ذلك متاحا، بل بعضهم يحرّر بظلمه ( شهادات وفاة ) العديد من الكفاءات بأن ظلوا وما يزالون سببا في مضّي هؤلاء باتجاه المقاهي والحمامات الشعبية، وفي أحسن الأحوال إلى الأسواق العمومية باعة للسردين، يلّفونه في أوراق الجرائد التي لا تباع نكاية في أصحابها !.
إن قطاعا تنخره، تماما كما السلطة، المحاباة والعروشية والمحسوبية والتزلف، لا شك ينتقي تضامنه، مع هذا وليس مع ذاك، وهو نفسه التضامن الذي ظل غائبا وما يزال عندما رضي، قبل عشرون سنة، ناشرون على سياسة ( العصا والجزرة ) التي ( تجّوع ) زملاء وتزيد في ( انتفاخ بطون ) زملاء آخرين، ويتصدرون اليوم الإحتجاجات، و بلاطوهات التلفزيونات، وتتعالى أصوات بعضهم أن » إعطيني حريتي ، أطلق يديا » فيتباكون على حرية التعبير والرأي، وكانوا فيما مضى جزءا من عملية التدجين، أي الإستفادة من الإشهار مقابل الصمت، الصمت على كل شيء !!
الانتقائية في التضامن مع الآخر، وتحديدا في مجال الصحافة هي من » كرّهت » أبناء الإعلام في قطاع الإعلام، وأرغمت آخرين على (رمي المنشفة)، وبعضهم نزل ضيفا على السجون ولا أحد من ( الرأي العام ) سمع به أو اكترث لأمره، وأضعف الإيمان أن يتقاسم زملاء المهنة ( حيف) هؤلاء على صفحاتهم على الفايسبوك وتويتر،و قد يتحرّج زملاء من وضع ( جامات ) عليها اتقاء غضب ( أولياء النعمة ) !!