بقلم إليسا د
ترجمة /جناح مسعود
يتكون كل نظام من عدة عناصر أو نظام فرعي له غايات على علاقة بها ، كما هو الشأن بالنسبة للربح في نظام المؤسسة. وفي الديمقراطية، تكون المؤسسة مستقلة وفي كثير من الأحيان خاصة، يتولى مجلس الادارة وضع الخطوط العريضة لاستراتيجيتها. ينبثق هذا المجلس عن كبار المساهمين في المؤسسة حيث أعضاء ورؤساء المجلس هم أصحاب رأس المال الأساسيون. وتؤول وظيفة القيادة لإدارة المؤسسة التي تقوم بدورها بالإشراف على تنفيذ وسير هذه الاستراتيجية في الميدان. وتكون القيادة بالضرورة مسؤولة أمام مجلس الإدارة وبقاؤها على رأس المؤسسة مرهون بنتائجها. وبذات القدر، يمكن لاستراتيجية ما أن تكون خاطئة أيضا، وعادة ما يتجلى الخطأ قبل الإفلاس من خلال التدني التدريجي للمؤسسة وذلك مهما كانت كفاءة العناصر المكونة لإدارتها. وعليه فإن تجديد مجلس الإدارة في هذه الحالة لن يعطي أي نتيجة ولن تكون قابلية المؤسسة للحياة سوى مسألة وقت. وتتميز استراتيجية ما أساسا بعدم اتساقها مع بيئتها الداخلية والخارجية (تنظيمها، ترتيبها الداخلي للعلاقات الهرمية والوظيفية، ونوعية موظفيها وعملياتها وجهلها بتطور السوق، المنافسة والموردون والتشريعات الخ …).
إن استراتيجية جامدة، تتجاهل الجانب التطوري الطبيعي لبيئتها لمن شأنها الحكم على المؤسسة (النظام الحي) بالزوال. ويأتي العقاب من السوق والمستهلكين وبكلمة واحدة من الشعب. وبالتالي يجب أن يأخذ الربح بعين الاعتبار شروط بقاء مكونه، ولكي يبقى على قيد الحياة، فهو ملزم في المقابل بضمان تطور وتنمية وتحرر وتحديث المؤسسة. وتساهم هذه الأخيرة بتجاهلها للأساسيات الكبرى للأنظمة الحية في القضاء عليها وبالتالي على نفسها عندما تقتنع أنها تتصرف في اتجاه مصالحها فقط.
وهكذا، فإذا بقي الربح هو غاية المؤسسة، فإن البقاء في السلطة يشكل الغاية الأساسية للأنظمة السياسية سواء كان ذلك في الديمقراطية أو في الديكتاتوريات. ويسمح تحديد العهدات لامحالة بتجديد (النخب) في جميع الحالات ولكن دون القيام بالضرورة بإحداث تغييرات في السياسات. فلو فازت هيلاري كلينتون في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، لكنا قد شهدنا تغييرا في منصب القيادة (مجمل الهيئة التنفيذية)، وادخال بعض التحويرات الشكلية من دون شك على سياسات الديمقراطيين، لكن دون إجراء تغييرات عميقة على استراتيجية وضعت من طرف قيادات أركان حزب يحكم دون أن يكون صاحب الأغلبية في الكونغرس الأميركي. وبالتالي، يشمل تحديد العهدات الوظيفة الرئاسية وفي هذا الإطار وفي حالة وجود التناوب، تقوم بتغيير في القيادة والاستراتيجية في الأنظمة الرئاسية (حالة الولايات المتحدة الأمريكية)، التي لا يمكنها في جميع الحالات القيام بالضرورة بتغيير السياسات والحكم في الأنظمة البرلمانية. ويجب للقيام بذلك اللجوء الى الانتخابات التشريعية والحصول على الأغلبية البرلمانية.
فإذا ما كان هناك تغيير في الرؤساء في البلاد، فإن المستشارة الألمانية تخلد في السلطة وتأمل بعد في البقاء فيها لعهدة رابعة والتي سوف تجرى انتخاباتها في عام 2017. حيث تسود الديمقراطية المسيحية في ألمانيا بالفعل منذ اثني عشر (12) سنة. ويؤدي التناوب البرلماني بين اليمين واليسار الى إجراء تغييرات في الحكم من خلال تناوب قيادات الأحزاب، وبالتالي إعادة تصميم الاستراتيجية العملية، وعند الاقتضاء، يستبعد التعايش تماما الرئيس الممارس للتسيير الداخلي للبلاد.
وخارج الحالة الألمانية، حكم أر دوغان في ثوب رئيس الوزراء لمدة أربع سنوات (2003/2007) في إطار تعايش تحت رئاسة نجدت سيزر، المستقل، ليواصل بعد ذلك سياساته تحت رئاسة عبد الله غول، (عضو في حزبه) لمدة سبع سنوات، قبل أن يصبح هو نفسه رئيس الجمهورية منذ عام 2014، وذلك في ظل الاحترام الصارم للإجراءات الدستورية المعمول بها داخل الدولة التركية من أجل استمرارية نهج الحكم. وللقيام بذلك، وسواء في الأنظمة البرلمانية أو الرئاسية يوجد هناك حكما، حكم مستقل تماما إنه الشعب دائما وأبدا. فليس المقصود من هذه المقدمة عبر مقاربة بسيطة جدا وحتى كاريكاتورية لأنظمة المؤسسة والسياسة، أن تكون بيداغوجية محضة، بقدر ما تسعى خاصة الى لفت الانتباه إلى التشابه الوظيفي للأنظمة بشكل عام والعمل على إبراز العوامل الأساسية التي تحكم الحياة. وتهدف بالتالي إلى تحديد وابراز مسؤولية مصممي الاستراتيجيات أو السياسات في حياة أو وفاة النظم، كما تسعى أيضا الى الارتقاء بدور ومكانة وظيفة القيادة أو الإدارة داخل النظم الى مستواها الحقيقي. إنها مهمة بالتأكيد، إلا أن هذه الأخيرة تبقى قابلة للتبادل وبالتالي ثانوية ولا ويمكنها أن تقدم الحلول المناسبة في حالة الاستراتيجيات الفاشلة والتي ليس للوظيفة عليها سوى تأثير ضئيل، دلك هو الحال في المؤسسات والديمقراطيات البرلمانية (في إطار التعايش) والدكتاتوريات.
كما تهدف هذه المقدمة أيضا لجلب انتباه الجميع حول الدور الحاسم للشعوب، (تحت قبعة المواطن، المستهلك، وتحت مسمى السوق وأكثر من ذلك تحت قبعة (الغاشي) في العقاب النهائي للأنظمة. قليل جدا من راهنوا على درجة غضب الشعب التونسي مع ذلك. ففي ديمقراطيات الواجهة، تتم الأمور الأساسية في الظل حيث يكون أعضاء (مجلس القرار) أو ببساطة (صناع القرار) غير معروفين رسميا، يطلق عليهم تلقائيا صفة غير الشرعيين وغير الرسميين عندما تكون مجالسهم ضمن الملاحظين و يطلق عليهم في بعض الحالات وصف (الدوائر) أو (الغرف المظلمة). ويتعذر عادة التخلص من المجلس كما هو الشأن داخل المؤسسة حيث يكون مستقل تماما عن وظيفة قيادة البلاد وعلى الأقل في جانبه الرسمي.
ومع ذلك، فإنه يحتوي في داخله على خطوط قوية ذات حركة طويلة نسبيا كما يشير المراقبون، هذه الخطوط نادرا ما تتغير بشكل ملحوظ ولكن عندما تتغير سواء في اتجاه أو آخر خلال المناقشات الاستراتيجية على وجه التحديد، فليس من النادر رؤية شخصيات كبيرة يتم اجلاؤها سواء من المجلس أو تسيير الأعمال، كما كان الحال في الجزائر بالنسبة للجنرال نزار العام في 1993 في سن الـ 55 وكان آنذاك وزيرا للدفاع ويطلق عليها اسم الرجل القوي في البلاد، وفي نفس الوقت قائد أركانه عبد المالك قنايزية الذي كان يبلغ من العمر 56 عاما في ذلك الوقت.
كما كان الحال أيضا في عام 20133، عندما حدث تطور له مغزى وعلى قدر كبير من الأهمية داخل (مجلس القرار). سمح هذا التطور أو الحركة الكبيرة لخط القوة، للرئيس في السلطة بعهدة رابعة عند ما كان رحيله في نهاية العهدة الثالثة (2014) منتظرا بقوة منذ العام على 2011 على الأقل. كما سمح أيضا وخصوصا للمجلس باستعادة سلطة كان مركز الثقل فيها خارج نطاقه لأكثر من عقدين حسب المراقبين. وفي الواقع، تمت احالة جنرالات على التقاعد وإعادة تنظيم الأجهزة الأمنية. وفي جانفي 1992، رفض (مجلس القرار)، السلطة العليا في تركيبته لتلك الفترة، نتائج الانتخابات التشريعية لـ 26 ديسمبر 1991، وفرض لهذا الغرض على الرئيس الشاذلي بن جديد رحمه الله، الاختيار بين الغاء الانتخابات، التخلي عن الاصلاحات الديمقراطية في البلاد أو تقاعده. ومع رحيله، غطست جميع مؤسسات البلاد في اللارسمي من أجل ادخال البلاد في ليل مأساوي طويل لا يزال بعيدا من أن يكشف عن جميع أسراره.
وفي عام 1997، حدث الشيء نفسه للرئيس زروال، الذي رفض تبني نتائج الاتفاق بين الأجهزة الأمنية والجيش الإسلامي للإنقاذ، أرغم هو الآخر على غرار بن جديد، على التخلي عن عهدته الأولى بعد أقل من عامين من انتخابه. وعلى شاكلة مجلس الادارة داخل المؤسسة الاقتصادية بسط (مجلس القرار) يده الطولى على الجهاز التنفيذي لدار الجزائر.
ولم تكن الارادة الصارمة للرئيس بن جديد أو الرئيس زروال كافية لتكريس اختياراتهما..
كما لم تكن وظيفة القيادة في الحقيقة سوى وظيفة تنفيذية لا توجد سوى على الارض لإدارة استراتيجية مفروضة من طرف (المجلس) الوحيد الذي يمتلك القدرات وسلطة اتخاذ القرار. وهكذا أضاع مصطلح وظيفة القيادة أو الادارة في هذا السياق معناه، ليصبح غير لائق لتحمل بشكل كامل وعن استحقاق صفة التنفيذية. ويؤشر ما سبق مدى حجم افلاس أرضية زرالدة التي طالبت كحل للأزمة الجزائرية اجراء انتخابات رئاسية وبجهلها التام للعملية النظامية تكون (معارضة زرالدة قد تجاهلت أيضا بشكل ما المثال المصري، الحالة النموذجية الحقيقية. وفي الواقع، إنه وبعد انتخاب مجلس الشعب (جمعية تأسيسية)، وبعد تعديل الدستور، تم لاحقا انتخاب رئيس جديد لمصر من طرف الشعب في 8 يوليو 2012. وهكذا تمت الاطاحة جملة وتفصيلا بالرئيس الجديد، والمجلس الجديد والدستور المعدل بالجملة والمفرق مع كل العواقب التي نعرفها من أجل عودة مصر إلى الحظيرة في3 يوليو 2013. ويمكن وصف مطلب (المعارضة)، بعد شهرين بالكاد من اعادة انتخاب الرئيس المنتهية ولايته لعهدة رابعة بتزكية من (مجلس القرار) من طرف المراقبين ببساطة بغير المناسب ومن باب أولى غير استراتيجي لو لم يكن ينقل هذه الروائح الكريهة لمناورة لا تخفى أهدافها كلية على شركاء زرالدة الذين مثلوا دور الكومبارس مدفوعين بصحافة في خدمة نفس الماكرين، كما كانت أيضا جاهلة للمداخل والمخارج الحقيقية للعرض. ففي الفكر الضيق لمصمميها، بعيدا عن أهداف أولئك الذين يستفيدون منها، كانت مبادرة زرالدة لا تعتقد في الضغط دون الكثير من الأوهام وفي أحسن الأحوال من أجل تحقيق تناوب عشائري داخل النظام وبين أفراد النظام. وكان جدي ميارة يقول لي في المقابل أن عمل (أرضية زرالدة)، المدعوم اعلاميا بقوة قد تأخر بثلاثة أشهر على الأقل مما حرمه من جميع إمكانياته. لقد كان يريد بالنسبة للمتكلمين من بطونهم في زرالدة زعزعة الاستقرار لمنع أو على الأقل الحد من حجم حركة خطوط القوة السارية في ذلك الوقت على مستوى (مجلس القرار). وكانت تلك المبادرة فشلا ذريعا في هذا الاتجاه.
لقد جعلت الهزيمة المستهلكة كليا لزمرة المناورين في عرض زرالدة بعد ثلاث سنوات والماء الذي تدفق قليلا أو كثيرا تحت الجسور، من المعارضة وهي تحتك بالتشريعيات تتفكك من فرط الطموح، فهناك أولئك الذين لا يقاطعون إلا من أجل الهروب من عقاب السلطة التي تمسك بين يديها زمام نتائج المنافسات الانتخابية، الهروب من عقاب نتيجة مهينة لإبقاء الشرف على ما يرام وهؤلاء يضعون أنفسهم في احتياط الجمهورية أو بالأحرى في الاحتياط لانتخابات رئاسية في أوانها أو مسبقة. وهكذا فالأغلبية الساحقة من أرضية زرالدة من المغادرين وهم من المعتادين فعلوا ذلك بعد في عام 1992 باسم الإبقاء على النظام وهاهم في عام 2017 يفعلون ذلك باسم الاستقرار.
ومع ذلك، وحول الشائعات المتعلقة بتشكيل حكومة وحدة وطنية، كان رد فعل الأطراف سريعا بلهجة المطلعين المشفرة بطبيعة الحال، ليعلنوا عن استعدادهم للمشاركة في السلطة التنفيذية القادمة والجديدة. ويحاول البعض الضغط وإخضاع مشاركتهم في حكومة وحدة وطنية بسير التشريعيات في شفافية وبدون تزوير. ومن الواضح أن يكون الجواب بالتالي إيجابيا، فهو يحمل بالتوازي على الأقل طلبا، الاستجداء بكل مذلة كمكافأة لها بعدد مشرف من المقاعد في المجلس المقبل. فليست هناك سوى الشكارة، بل هناك التسول أيضا الذي غزا الساحة السياسية. ففي الديمقراطية، تدور المفاوضات حول المشاركة في حكومة وحدة وطنية حول برنامج إعادة هيكلة البرنامج الذي سيتم تنفيذه خلال الفترة التشريعية وحول عدد المقاعد على مستوى المجلس الممنوحة لها من قبل الناخبين.
وتحقيقا لهذه الغاية، يجب التذكير مع ذلك، أنه سواء كانت حكومة وحدة وطنية أم لا، فإن برنامج عمل السلطة التنفيذية قد تم تحديده بعد وتم نشره رسميا على موقع وزارة المالية وتم تناوله الى حد بعيد على نطاق واسع من طرف الصحافة، برنامج من ثلاث خطوات ويمتد الى غاية أواخر عام 2030. وبالتالي فإن نشر خارطة الطريق لن يزعج أحدا، فالحملة الانتخابية مستمرة، الأحزاب تشرح مزايا الإنقاذ في برامجها التي ستضعها في النهاية في صناديق القمامة لكي تدعم برنامج رئيس الجمهورية حتى عام 2030، أيا كان الرئيس وهم لا يزالون يفكرون في الترهل بعد ثلاثة عشر عاما أخرى مع نظام لا شيء واضح معه الآن على الاطلاق، وأكثر من ذلك فإن خريطة الطريق تشير الى صعوبات كبيرة في الأفق. فإذا كانت هذه الانتخابات التشريعية تحمل في المقابل معنى للزبائن من المفترسين التقليديين، فإنها في المقابل تمثل أهمية نراها حيوية بالنسبة للنظام، فإذا فشل هذا الأخير في جمعهم من حوله، فإن المستقبل لن يكون مظلما وإنما أسود. وتبرز فكرة وجود حكومة وطنية مرتبطة بهذه الحملة الرديئة، المبذرة بشكل مفرط علاوة على استعمالها لجميع الوسائل الى غاية الدخول الى المساجد من أجل الحث على مشاركة واسعة في تشريعيات الرابع من ماي المقبل، مدى الحاجة الماسة للحكام الجزائريين للدعم الكامل لقاعدة اجتماعية واسعة قدر الإمكان لمواجهة الصعوبات الحقيقية التي سوف تنضج في العام 2019.
وتشرح القراءة المتأنية وتبرر ما قدّم كبرنامج عمل على المدى الطويل (2016.20300) مدى الحاجة الكبيرة للحكومة المقبلة لهذا الدعم. إنه لصحيح عندما تتدفق الأموال يتم شراء السلام الاجتماعي، لكن عند تفتقد الأموال لا يمكن للمنادي وحده أن يكون القوة الموجهة للسهم في الاتجاه والنقطة التي تشير إلى الوضع السوري أو الليبي. فإذا كانت هناك حاجة الى تشكيل جبهة اجتماعية واسعة ملتزمة، صامدة بقوة أمام صخب صفارات الإنذار، كضرورة ملحة للغاية، فإن مسعى القيام بتجسيدها من خلال تنفيذ حكومة وحدة وطنية غير مجدي كون أعضاء أرضية زرالدة لا يجمعون حولهم الكثير من الناس من حولهم ولا يتمتعون البتة بالثقة الشعبية ولا يمكن لهذا الغرض أن يكونوا ذا فعالية في هذا النوع من المعارك حيث استنفدوا منذ فترة طويلة بالفعل رصيدهم. ففي عام 2009 وعلى سبيل السرد، قال لي وزير سابق من عهد بومدين ثم الشاذلي، أنه ليس هناك سوى طريقتان فقط لتغيير النظام السياسي في الجزائر، الشارع أو الجيش. ويرى جدو ميارة في المقابل أن هناك طريقة ثالثة، لكن هل يكون المسعى واضحا وقويا وشجاعا. فعندما أعلن فريدريك دي كليرك في فبراير 1991 عن نيته في وضع حد للتمييز العنصري، كان يعلم أنه لا يمكنه القيام بذلك إلا بمعية الممثلين الحقيقيين لشعب جنوب أفريقيا. سارع لإطلاق سراح نيلسون مانديلا ، لكي يبني معه بالطريقة التي نعرفها، المصالحة والسلم ووضع اقتصاد البلاد على السكة من أجل أن يجعل من جنوب أفريقيا اليوم دولة ناشئة وعضو كامل الحقوق في مجموعة بريكس التي تتكون من الهند والصين والبرازيل وروسيا أي الدول السريعة النمو الاقتصادي, وليس من خلال مسارات متعرجة و بالتالي طينية رسوية كما يصر جدو على القول ، أو من خلال حلول زائفة على شاكلة حكومة وحدة وطنية أسس عليها الرئيس الأبيض لجنوب أفريقيا هذا العمل الإنساني الكبير الذي حصل بموجبه مع مانديلا على جائزة نوبل للسلام مناصفة.
.
ينبغي أن يسمح العرض الذي سبق لأولئك الذين يملكون إرادة الانضمام والقدرة على العمل والمبادرة أن يعكفوا بجدية على دراسة مدى القابلية للتجسيد وبالتالي المسار الذي تسلكه باخرة الجزائر من أجل تمكينها من الهجرة بدون مخاطر نحو شواطئ دولة قانون، نحو استقرار مستدام وسلام قار. إنه لمن الأهمية بمكان تعداد جميع محطات التوقف، تسلسلها الزمني والمدد والانخراط بشجاعة ونكران للذات في مسار الخروج من الأزمة إلى جانب قوى قادرة على تأمين الأمن لمجمل رحلة العبور وكذلك النجاح والأمن المنشود. سنعاني جميعا بصبر الحكماء، نكران الذات والتضامن الذي لا يتزعزع مع المستضعفين في المآسي والأفراح، الالتزام في الحرب من أجل التنمية، التحرر، علة الوجود، مع العلم أن كل شيء، كل شيء، لا يمكن أن يكون له معنى إلا في ظل الشفافية والاحترام الصارم للقوانين والإجراءات السارية المفعول مهما كانت عيوبها. فلم يعد هناك ملجأ خارج حدود القانون والعقل والحس السليم والذكاء الذي يسود في ظل الاكتفاء، التسلط، الظلم والقمع والظلامية، وبكلمة واحدة، الجهل من أجل اللجوء عاجلا أو آجلا إلى الشارع إذا ما سلمنا بدورة ابن خلدون.
الشكر الجزيل لأخي سي مسعود الذي قام بترجمة النص
مع تحياتي الخالصة