النموذج الجزائري " دراسة بحثية مستعصية " !

1
2132

بن عانو إلياس.

13/09/2017محاولة شرح وتحليل النظام السياسي الجزائري و النظم الحزبية داخله و طبيعة النخب ومفهوم الدولة بصفة عامة بالرؤية الجزائرية الخاصة،يعتبر تحدي علمي، قد يدفع الباحث إما إلى الإنهيار العصبي، و إما إلى إبداع علمي قد يغير من خلاله العديد من المفاهيم السياسية و يخرق المنطق العلمي الذي على أساسه تقوم الدراسات السياسية الحديثة، وقد نشهد ميلاد نظريات جديدة في التحليل الإيبستمولوجي، و ممارسة السلطة و حتى نظريات في السلوك السياسي لصانع القرار، و تفاعلات القاعدة مع هرم السلطة و دور تكنولوجيا الميديا الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي في بلورة فكر سياسي جديد بخصية جزائرية محضة.

الأحقية التاريخية والمشروعية الثورية و الإنقلابات العسكرية والدستورية و التمركز وإعادة التمركز، التوريث السياسي، الإنتخابات ، صناعة النخب الساقطة، النخب المفرنسة، النخب الدخيلة، النخب الجامعية ، النخب الإعلامية ، إستراتيجية الاتصال السياسي، سياسة ترميم المهدوم، الصراعات الإيديولوجية، أسطورة الجيش، الشخصيات السياسية المهترئة، رجال المال و الاعمال، صنع السياسات العامة، العلاقات الدولية، مفهوم الدبلوماسية، التحديات الإقليمية، الدور العربي، الإسلام دين الدولة، الدولة العلمانية، …الخ و غيرها من العناوين الرئيسية التي تجعل من الجزائر، نموذج دراسة بحثية فريدة.

فالنظام السياسي الجزائري شمولي عسكري ذو إيديولوجية علمانية بحثة، هذا من الناحية العملية الفعلية ،أما نظريا ، فالجزائر دولة ديموقراطية، تقر التداول على السلطة و العمل الحزبي و تجعل من الإنتخابات أداة التحول السياسي داخل البلاد، كما أنها دولة عربية أمازيغية مسلمة كما تنص عليه نصوص الدستور . الغريب أن اللذين يحركون اللعبة السياسية داخل البلاد لهم القدرة الكبيرة في تلبيس المعادلة و تنويم الشعب لدرجة أنه ( أي الشعب ) و حتى النخب لا تقبل بالوصف الحقيقي للنظام السياسي الجزائري وترفض التعريف الحقيقي الذي هو دولة شمولية.

الواقع أن ممارسة السلطة في الجزائر تبقى خاصة بجماعة المشروعية الثورية سواء في الجيل الأول كعلي كافي و بوتفليقة و الشاذلي ، أو الجيل الثاني ، كأويحي و بن غبريط و غيرهم ، و الجيل الثالث قيد الإعداد ولم يحن دورهم بعد، الوقائع التاريخية سطرت لنا هذه الحقيقة، خاصة بعد الإنقلاب الدستوري على الإرادة الشعبية سنة 1992 من طرف النخب العلمانية و بمساندة الجيش تحت قيادة خالد نزار آنذاك.

الحقيقة التاريخية كانت بمثابة رسالة واضحة لجميع الأجيال ، أن السلطة تبقى حكرا في أيدي هذه الجماعة حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا، إذن ما الفائدة من المعارضة السياسية و خلق الاحزاب، الجواب بسيط،الجزائر لا تريد أن تظهر أمام العالم كنظام كوريا الشمالية، فالشراكاء الإستراتيجين للجزائر لا يقبلون بهكذا وضع. مجيئ بوتفليقة عزز من تواجد غول الأسطورة بل و شهدت فترته إنتهاكات دستورية قانونية بالجملة ، بدأ بعشوائية التعينات الحكومية 18 سنة حكم 18 وزير أول ،مرورا بالتعديلات الدستورية لتمديد العهدة و أخيرا ، تعيين نخب ساقطة وحاقدة جاءت بمهمة سلخ الهوية الوطنية والدينية للجزائر و تحييد الدين في الحياة العلمية و العمالية في البلاد ، في مؤامرة رخيصة تدل على الوصف الحقيقي لهذا النظام الشمولي العلماني

تكمن صعوبة البحث أيضا في الضباببة و الشك الدائم منذ فجر الإستقلال في تحديد صناع القرار الحقيقيين ، لم تعرف التجارب العلمية الماضية معضلة كالتي تعيشها الجزائر اليوم، حسب علمي ، النظام الجزائري هو الوحيد في العالم الذي مازال شعبه غير قادر وبشكل يقيني على تحديد من يحكمه ومن هم صناع القرار الحقيقيون ، هذا الواقع الذي لا ينكره إلا المجحفون وزبائن السلطة، نلمسه في الحياة العملية و العامة لأبناء الجزائر العميقة، الذين هم الأغلبية الساحقة، والذين من خلال الإنتخابات التشريعية الماضية عبروا وبصورة جد حضارية عن رفضهم لدولة الملكية الخاصة ولحكم المسؤول الشبح و أصلوا لهذه العقيدة ( من يحكمنا ؟ )، العجيب أيضا في التجربة البحثية الجزائرية، أن الشعب اليوم أصبح يطالب بمطلب لم تشهده التجارب السياسية الأخرى وبهذه الحدة ، مطلب واحد  » رؤية وسماعة رئيس الجمهورية »، هذا المطلب ماهو إلا إفصاح صريح عن عدم الثقة والشك والريبة الذي يكون حول الحاكم الحقيقي وصناع القرار الحقيقيون في الجزائر.

المناورات العديدة التي يجتهد من خلالها رجالات الظل في إثبات شهادة الحياة للرئيس بوتفليقة من خلال حضوره أشغال مجلس الوزراء الماضي ،لم تعد تجدي نفعا، الكل يعلم أن الطب الحديث أوجد أدوية قوية وفعالة تسمح للمريض ( خاصة كحالة بوتفليقة) في إسترجاع بعض قواه ( الجسمية ، العضلية) لمدة معينة، نفهم هذا التعري من خلال ردة فعل الوزير الأول أويحي و بعض الشخصيات السياسية حول تفعيل المادة 102 من الدستور الجزائري والذين وصفوا هذه المطالبة باللا حدث و بأن المطالبين يريدون زعزعة البلاد، بطبيعة الحال لو ذهب بوتفليقة ( الرئيس الأصلي نظريا ) ، ستسقط معه العديد من الرؤوس وعلى راسهم رجالات المال الفاسد و الأعمال المشبوهة، وجماهير الشياتين و بائعوا الذمم، و وفق للمنطق السياسي الحديث ، ستأتي جماعة أخرى لتأخذ المشعل وقد تكون من اللوبيات المنافسة والتي لديها العديد من الحسابات القديمة لتصفيتها ، حينما أقول جماعة أخرى ، لا أقصد المعارضة السياسية، فهذه الأخيرة لا قيمة لها عمليا ، فهي موجودة فقط لتبرير طبيعة النظام السياسي ولو شكليا ( أي تعددية حزبية ).

بعد مدة من الزمن في المستقبل المتوسط والبعيد ، قد يقف الباحث في الشؤون السياسية والإجتماعية على ظاهرة بحثية عجيبة ، قد تدفعه إلى خلق نظريات جديدة و مفاهيم حديثة ، لتمكينه من تشريح الظاهرة السياسية الجزائرية، لن يكون العمل سهلا، بسبب غياب منطق علمي سواء من ناحية صناعة القرار ، أو حتى من ناحية نوعية الشعوب التي لديها قابلية كبيرة في تمديد عمر لعبة السلطة الخالدة و الحاكم الشبح.

 .

 

1 COMMENTAIRE

  1. Merci,salut:j’ai lu un article dans Jeune Afrique,qui remonte à 5 ou 6 ans ,émanant d’un ex directeur d’une certaine banque d’Algérie (il y ‘en a trop),dont je retient l’idée qui m’a vraiment réveillé et qui converge avec la votre:en Algérie ,le pouvoir est COLLEGIAL.

LAISSER UN COMMENTAIRE

S'il vous plaît entrez votre commentaire!
S'il vous plaît entrez votre nom ici