تصوير بطيء لنظام بائس ومفلس

0
1565

مسعود جناح

صحفي

تعيش الجزائر حاليا بداية أزمة مالية ونقدية حقيقية وعميقة، سيكون لانتشار آثارها المدمرة، انعكاسات اجتماعية مؤلمة، هي نتاج أزمة اقتصادية هيكلية متعددة الابعاد وممتدة في الزمن ، جراء تراكم فشل حكام هيأوا لها ظروف الاستدامة من حيث تأبيد تبعية شبه اقتصاد لمورد واحد ولأسعاره المتقلبة، يعتمد على المطر وسوء التسيير، ينتج بالدولار ويبيع بدينار لا يحمل من القوة غير الاسم النقدي أو وحدة حساب ، في بلد تخصصه استيراد – استيراد، بلا أصول عمومية ونظام مصرفي يشكل خطرا على الأمن القومي على حد تعبير وزير مالية سابق .
وأمام هذه الأزمة في شح الموارد في نظام اعتاد الانفاق والتبذير بلا حساب، لا بد من فرض اجراءات قسرية تحت مسمى عقلنة النفقات او التقشف الذي ستتحمل أوزاره الفئات الهشة في مجتمع يئن تحت الفقر واللامساواة وضنك الحياة في بلد يبلغ فيه حجم التهرب الضريبي لرجال المال والاعمال نصف احتياطات الصرف حسب وزير المالية لحالي وميزانية عدة دول افريقية مجتمعة، مما يزيد من حجم المآسي والآفات المنظورة للجميع التي تتلاشى أمامها بقية القيم.
فماذا سيفعل تبون وغيره أمام هكذا أوضاع في حالة متقدمة من الهشاشة والخمج وجيوب التوتر التي تركها سلفه وهي نتاج نصف عشرية من المراوحة في عين المكان وشبه تسيير ارتجالي وباهت، لابد أن يكون له ما بعده.
وهكذا سيدفع المجتمع المنهك بقوة، فاتورة غياب تخطيط واستشراف وتوقع ومقاربات عقيمة وانفاق فرعوني ونهب مستطير تحت أعين النظام الساهرة..
وفي المقابل، سيجد هذا النظام البائس والمفلس حقا، نفسه في مواجهة أوضاع بائسة تزداد تأزما يوما بعد آخر مع المزيد من تراجع العائدات وشح الموارد واشتداد مقاومة المفترسة وتكالب صقور الدولة العميقة كلما اقترب طوق التقشف او العقاب منهم. سيكون النظام على بينة من أمره وأمام افرازات سياساته وخياراته الخاطئة التي سينقلب عليها وعلى المواطن الذي سيكتشف مدى الاحتيال عليه بالحلول الوهمية بل وبالمخاطرة بمستقبله وتمديد عمر مشاكله. من لا يعرف الآن مدى محدودية هذا النظام الذي لا يعرف التسيير والصناديق مملؤة فما البال وهي فارغة.
نظام يتقن فن المراودة والايقاع والاغراء وعند الضرورة التخويف والقمع، بتلك الطرق التي بات يعرف بها كالتسيير بالأزمة والخمج، الفعل ورد الفعل، ضرب هذا بذاك وبقية الوصفات بلا غذ. لقد تلاعبوا بكل شيء وقد ينتهي اللعب هذه المرة مع اسقاط آخر الاوراق المتبقية وهي قليلة مع الأسف .

LAISSER UN COMMENTAIRE

S'il vous plaît entrez votre commentaire!
S'il vous plaît entrez votre nom ici