الجزائر: إنتخابات رئاسية أم إجهاض تحول ديمقراطي؟

0
2888

دريس نوري

باحث جزائري وأستاذ محاضر في علم الاجتماع بجامعة لمين دباغين (سطيف).

بعد تسعة أشهر من الاحتجاجات السلمية، يستمر الحراك الجزائري في المطالبة بتغيير جذري للنظام رافضاً الانتخابات الرئاسية المُقرر عقدها يوم 12 ديسمبر/كانون الأول القادم  كحلّ سياسيّ للأزمة. في سياق ثوري لم يسبق له مثيل، على ماذا تُراهن السلطة الفعلية لإعادة إنتاج نفسها بأسرع وقت ممكن وبأقل التكاليف؟ وماهي موارد الحراك الشعبي في مقاومته لإعادة إنتاج النظام لنفسه؟

جزائريون يمشون بالعلم الوطني للانضمام إلى احتجاجات تطالب بتغيير جذري في الجزائر، 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2019. © EPA/محمد مسارا

منذ إقرار التعدّدية في دستور فبراير/شباط 1989، والانتخابات الرئاسية تُمثل موعداً لإسباغ شرعية انتخابية شعبية على الواجهة المدنية للسّلطة في الجزائر. لأسباب تاريخية، يحتل الجيش قلب السّلطة، مارسها بشكل مباشر إلى غاية 1989، ثم بشكل غير مباشر بعد أن واجه في أكتوبر 1988 سَخطا شعبياً، أجبره على التخلي عن الشّرعية الثّورية وإقرار شرعية انتخابية. ولكن الظروف التي تم فيها إقرار الانفتاح السياسي وانزلاقه نحو العنف في 1991، أتاحت للسلطة إبطال مفعول الانتخابات في انتاج بديل ديمقراطي، وتحويلها إلى موعد لإسباغ الشرعية الانتخابية على رئيس مدني يتم اختياره مُسبقا من قبل السلطة والذي تُجنَّد لصالحه كل وسائل الدّولة بحيث تجعل من إمكانية هَزمِه انتخابيا أمرا مُستحيلا. وإذا كان هذا النموذج لم يسمح لليامين زروال بإكمال عهدته الرئاسية (1995- 1999)، فإن عبد العزيز بوتفليقة عرف كيف يستغله إلى أبعد حد، ويُعمِّرَ في منصب الرئيس أربع عُهدات كاملة رغم حالته الصحية المعقدة، بل « طَمِع » في عُهدة خامسة بعد أن يُفصل الدستور عشية كل موعد انتخابي على مقاس المرحلة.1

لم ينتبه النظام إلى أن تكلفة صيانة هذا النّموذج والحفاظ عليه مُرتفعة، وأن الموارد التي تُحافظ على بقاءه وفعاليته في المخيال الاجتماعي للجزائريين تآكلت واستُنزِفت، سواء المادية مِنها (تراجع مداخيل الدولة من المحروقات والتي كانت تسمح له بتنفيذ سياسة اجتماعية سخيّة وسقي شبكاته الزّبونية)، أو الرمزية (مثل الشّرعية الثورية، كاريزما الرئيس بوتفليقة…).

وهكذا، تحوّل موعد تجديد العقد بين النظام السياسي وعُصَبه وشبكاته الزبونية عبر رئاسيات 18 أبريل/نيسان 2019، إلى فتيل فجَّر حِراكا ثوريا سِلميا أخرج الملايين من الجزائريين إلى الشّارع للمطالبة بتغيير جذري لنمط اشتغال الدّولة وعملية إنتاج وتوزيع السُّلطة في المجتمع.

أجبرت الثّورة الشّعبية السلمية قيادة الجيش على التدخل ودفع الرئيس المترشح إلى الاستقالة وإلغاء الرئاسيات المُزمع اجرائها في 18 أبريل/ نيسان 2019 أملا في امتصاص غضب شَعبي عارم وشامل لم يسبق له مثيل في الجزائر المُعاصرة. ولكن، سرعان ما أدركت السّلطة أن مطالب الجزائريين أعمق وتذهب إلى حدّ إلغاء شرعية التفويض التي تحتفظ بها المُؤسسة العسكرية منذ الاستقلال واستبدالها بشرعية انتخابيّة « حقيقيّة ». ومنذ تلك اللّحظة تعمل السلطة جاهدة على تحييد مفعول الحراك الشعبي لإضعافه بما يسمح لها تجديد واجهتها المدنية في أسرع وقت ممكن.

 أولا – ما بعد بوتفليقة: اخراج السلطة الفعلية إلى العلن

فاجأ حِراك الثاني والعشرين فبراير / شباط النظام الذي تعوّد على مُمارسة السلطة والسياسة من دون الشّعب،2 أي من دون حضور جماهيري شعبي في الحقل السياسي لأنه كان يعتقد أن الظروف اللازمة لظهور أي حركة احتجاجية كانت غير متوفرة. فالنظام قد منع التظاهر بموجب قانون الطوارئ،3 بقرار منع التظاهر في العاصمة (الجزائر)،4 وأحكم قبضته بعناية على لسّاحة الإعلامية والحزبية من خلال أدوات تتراوح بين الإغراء والاستقطاب (توزيع الرّيع الإشهاري)، الرّقابة والتّضييق عن طريق الشرطة السياسية (دائرة الاستعلام والأمن – DRS).

وفوجئ النظام لأنه حرم نفسه من كل الأدوات التي تسمح له بفهم ما يحدث في العمق الاجتماعي واستشراف ما سيحدث بسبب انكفاءه على شبكاته الزبونية والبيروقراطية التي تحولت مع مرور الوقت إلى حِجاب يحول دون قدرة السُّلطة أن ترى الواقع بموضوعية. كان أعوان السلطة مَشغُولين بالحفاظ على مناصبهم، ونهب ما استطاعوا إليه سبيلا وهو ما ميّع الدولة وحولها إلى  »دولة ناهبة ومنهوبة » على حدّ تعبير عالم السياسة الجزائري محمد حشماوي.5 وهذا بدوره سيقطعها عن جذورها الاجتماعية. ستتحول جميع المساحات التي تعجز السلطة عن مُراقبتها والتحكم فيها (مثل سائل التواصل الاجتماعي، والملاعب، والأحياء المهمشة) إلى فضاءات لتشكل « مواطنة ضدّ الدولة – une citoyenneté contre l’Etat » على حدّ تَعبير رشيد سيدي بومدين.6

صحيح أن حراك 22 فبراير ساعد المؤسسة العسكرية على التخلص من بوتفليقة وحاشيّته واستعادة السيطرة كاملة على السلطة، ولكنه في المقابل أخرج السّلطة الفعلية7 التاريخية (أي القيادة العسكرية) إلى الواجهة لأول مرة منذ 1995، وأصبحت مُنكشفة أمام الرأي العام الوطني والدولي. ومنذ هذا الانكشاف، تحاول القيادة العسكرية التواري بالسّرعة الممكنة من الواجهة السياسية (لكون الدستور لا يمنح للجيش أية صلاحية سياسية)، ولكنها لا تريد ان تعود الى الظل قبل أن تضمن ألا يفلت من بين أيديها حق التفويض التاريخي الذي أصبح مُعَلقا به مصير ومَصالح شبكات واسعة من الحلفاء والزبائن المنتشرين في كافة المستويات البيروقراطية والفضاءات الاجتماعية.

ومن هذا المنطلق، يواجه الحراك الشعبي تحدّيا جديدا أصعب من إزاحة بوتفليقة من الواجهة، وهو انتزاع التفويض من أيدي السلطة الفعلية (القيادة العسكرية) وأن يمنعها من استغلال فرصة التخلص من بوتفليقة لإعادة إنتاج النظام بواجهة مدنية جديدة. ولذلك تحوّل الصّراع بعد اسقاط العهدة الخامسة لبوتفليقة ليصبح بين الحراك الشعبي وبين السلطة الفعلية. فرهان هذه الأخيرة هو الوصول إلى رئاسيات مُتحكم فيها من داخل السلطة في أقرب وقت ممكن، ورهان الحراك هو افتكاك المزيد من الحريات والضمانات التي تسمح بإطلاق تحول ديمقراطي حقيقي.

في سياق ثوري لم يسبق له مثيل، على ماذا تراهن السلطة الفعلية لإعادة إنتاج نفسها بأسرع وقت ممكن وبأقل التكاليف؟ وماهي موارد الحراك الشعبي في مقاومته لإعادة إنتاج النظام لنفسه؟

 ثانيا – رهانات السلطة

تعكس الصعوبة التي تواجه عملية إعادة إنتاج النّظام لواجهة مدنية له (وهي الصعوبة التي تتجلى من خلال إفشال موعدين انتخابيين رئاسيين: 18 أبريل/نيسان 2019، و4 يوليو/تموز 2019) حجم الضّرر الذي أَلحَقه بوتفليقة وممارسات النظام بصورة الدولة بشكل عام وصورة النّظام بشكل خاص. على مدار عشرون عاما (1999- 2019) حيث أصبحت خدمة بوتفليقة والولاء له « وصمة عار » بعد ما كانت ميزة يُتباهى بها. 8 استهلك بوتفليقة موارد النظام القائم، وجعله اليوم يواجه صعوبة في ترميم واجهته. تزداد هذه المُهمة تعقيدا كلما تأخرت عملية اجراء انتخابات رئاسية بسبب استنزاف الحراك أخلاقيا وسياسيا، لموارد السلطة وشبكاتها الزبونية وذلك من خلال منع شبكات أحزابه من النشاط ميدانيا، وإعادة امتلاك الذاكرة التاريخية شعبيا وسحبها من أيد النّظام وجمعياته، هذا بالإضافة إلى تقلص هوامش السلطة في توزيع الريع بسخاء بسبب استنزاف احتياطات الدولة من العملة الصعبة وتراجع مداخيلها الخارجية.  ورغم ذلك، تعتقد السلطة أن الوضع لم يفلت بعد من بين أيديها، وأن الوسيلة الوحيدة لوقف هذا النّزيف هو الإسراع في اجراء انتخابات رئاسية تُعيد الشرعية الشكلية لمنظومة وصفها قائد الأركان الفريق أحمد قايد صالح نفسه « بالعصابة » و « القوى غير الدستورية »، وهذا ما يُفسِّر إصرارها على « المرور بالقوة » إلى انتخابات رئاسية تم تحديد موعدها في 12 ديسمبر/كانون الأول القادم دون استكمال حتى الإجراءات الشّكلية التي وعدت بها فيما يخص الحوار وتنظيم ندوة وطنية جامعة، تشارك فيها مختلف فعاليات المجتمع المدني و المجتمع السياسي للاتفاق حول شروط الذهاب إلى انتخابات رئاسية.9

1.     تحديات ورهانات المرور بالقوة

لماذا هذا الإصرار على انتخابات الثاني عشر ديسمبر القادم؟ وعلى ماذا تعول السّلطة لتمريرها رغم مقاومة ورفض الحراك لها؟

أ‌-       التحدي القانوني/ الدستوري

تحول الدستور إلى الدّرع الحصين الذي تحتمي فيه (وبه) السلطة من (وضدّ) المطالب بمرحلة انتقالية أو مجلس تأسيسي، ومنذ الأيام الأولى من الحراك، والسّلطة الفعلية تُصرّ في كل خطاب على « الحلّ الدستوري » كضربة استباقية للمطالبين بالحلول السّياسية التي تفرض التحاور والتأسيس لعقد سياسي جديد خارج الهوامش التي يُتيحها الدستور الحالي المفصّل على مقاس السلطة التنفيذية.

ولكن إذا كانت هذه الحُجّة قد أبدت فعّاليتها خلال الثلاث أشهر الأولى التي أعقبت استقالة/ طرد بوتفليقة،11 فإنها تحولت بعد الرابع من يوليو/تموز 2019 إلى عامل ضغط على السّلطة، بحيث أن فشلها في تنظيم رئاسيات الرابع من يوليو/تموز، جعلها هي نفسها تلعب خارج الآجال الدستورية حتى ولو رفضت الاعتراف بذلك. فالسلطة تدرك جيدا أنها تلعب مرحلة انتقالية غير مُعلنة، وكلما طال أمدها زاد انكشافها وارتفعت مطالب المجتمع برحيلها، لهذا تسعى إلى إغلاق هذا القوس في أسرع وقت ممكن لغلق الطريق أمام من يُطالب بمرحلة انتقالية أو مجلس تأسيسي.

تعتقد السلطة أنها تستطيع في ظل الدستور الحالي، وقانون الانتخابات الحالي، وتشكيلة الجهاز البيروقراطي أن تتفادى أية مفاجأة انتخابية مهما كانت حجم التنازلات الشكلية/ الشكلانية التي تقدمها كعربون ثقة أمام خصومها. بإمكان شبكاتها البيروقراطية أن تعوض عن التنازلات القانونية – ولو أنها تبقى دون أية قيمة ومرفوضة جملة وتفصيلا من طرف الحراك – التي قدمتها فيما يتعلق بتأسيس سلطة عليا للانتخابات، وبإمكان وسائل الإعلام الثقيلة أن تغطي على ضعف نسب المشاركة في الرئاسيات، وبإمكان جهاز القضاء أن يصادق على ما تقدمه السلطة من نتائج، بالنظر إلى عدم استسلام النظام أمام مطالب الشارع بتحريرها.12

ب‌-  الاستفادة من ضُعف هيكلة الحقل السياسي

كانت المطالب بحل حزب جبهة التحرير الوطني (FLN) وحزب التجمع الوطني الديمقراطي (RND) من أهم الشعارات التي رفعها المتظاهرون منذ الأيام الأولى للحراك. أدرك الجزائريون جيّدا أن هاته الأحزاب/ الأجهزة، هي أدوات السلطة الفعلية في إفساد الحقل السياسي، وفي مراقبته وهيكلته بشكل يمنع أية مفاجأة سياسية، ويجعل من إنتاج بديل انتخابي ديمقراطي أمرا مستحيلا. يدرك الجزائريون أنه لا يمكن إحداث القطيعة مع النظام بوجود هذه الأجهزة الحزبية التي تستفيد من وسائل الدولة على كافة المستويات.

والسّلطة بدورها أدركت رهانات هذا المطلب وأبعاده في المنظورين القريب والمتوسط، ولذلك، اكتفت بسجن بعض القياديين في هذه الأحزاب، مع الحفاظ عليها والاستعانة بها بأشكال مختلفة في تسيير هذه المرحلة حسب درجة الضرر الذي لحِق كل حزب في فترة بوتفليقة، وحسب الغاية من استخدام كل واحد مِنها.

في حين أَلزَمت السلطة جبهة التحرير بالصمت وعدم تقديم مُرشح خاص بها أو حتى التعبير عن دعم مرشح بعينه، فإنها في المقابل دفعت بالتجمع الوطني الديمقراطي إلى الواجهة، من خلال ترشيح أمينه العام الجديد، وزير الثقافة السابق، عز الدين ميهوبي لينافس عبد المجيد تبون المترشح الحرّ. على مدار عشرون سنة، حصرت السلطة التنافس الانتخابي بين حزبيها الرئيسين، توزع عليهما المقاعد داخل المجالس المحلية والمجلس الشعبي الوطني (البرلمان) حسب الظروف، وتداول أمناءها العامون على رئاسة الحكومة والوزارة الأولى طوال فترة حكم بوتفليقة (أحمد أويحي، عبد العزيز بلخادم).  ولكنها طوال كل هذه المدّة، لم ترشح رئيسا مُتحزبا، وظلّت تلعب ورقة مرشح الإجماع الحرّ غير المتحزب للتنصُّل من أية مسؤولية تجاه ما سيتم القيام به من سياسات وقرارات غير شعبية باسم حكومة هذا الحزب أو ذاك.

تستخدم السلطة الأحزاب لتمرير المشاريع غير الاجتماعية وغير الشعبية في البرلمان، ولكن حين يتعلق الأمر بعرض رئيس لانتخابه، فإنها دائما تفضل وضعه فوق الأحزاب وفوق السياسة وقذارتها. كثيرا ما يتدخل الرئيس لإلغاء مشاريع قوانين غير شعبية تقترحها حكومة ترأسها شخصية من أحد الحزبين. تتحمل الأحزاب السياسية أوزار السياسة، في حين يترفع الرئيس عنها ويصبح حكما، تنسب إليه « الإنجازات »، وتتحمل الأحزاب الإخفاقات والسياسات الفاشلة.13

يندرج دفع السلطة الفعلية بعبد المجيد تبون كمترشح حر، ينافسه السيد ميهوبي كرئيس حزب ذو سمعة سيئة ضمن هذه اللّعبة السياسية التي يراد منها دفع الوعاء الانتخابي التقليدي للسلطة إلى التصويت على مرشح غير متحزب لقطع الطريق أمام وصول رئيس من حزب (أو من أحزاب) كانت جزء من المنظومة البوتفليقية التي تبرأت منها السلطة الحالية حين وصفتها بالعصابة.

تراهن السّلطة في تمرير هذه الرئاسيات على وعائها الانتخابي التقليدي الثابت، الذي يتشكل من المنخرطين في هذان الحزبان أو في أحزاب أخرى يلجأ إليها النظام في حالة الطوارئ. تعتقد السّلطة أن هذا الوعاء لا يزال وفيا لها بالنظر إلى حجم الامتيازات التي استفاد ويستفيد منها، وانضباطه في ولاءه لها. ضمن هذا المنظور كذلك، فضّلت السّلطة تحمل الضغط الناتج عن احتفاظها بالبرلمان بدل حلّه لكسب رضى الشارع. إنها تدرك أن عملية فسح الطريق للانتخابات القادمة تستلزم وضع اليد على جميع المؤسسات والسّلط، وتعتقد أن « السخط » والضغط الذي يرافق ذلك سوف يتلاشى بمجرد الإعلان عن الرئيس الجديد. تعول السلطة على عامل الوقت لاستنزاف الحراك، وإلى غاية اللحظة لا تزال تنظر إليه على أنه مجرد سحابة صيف عابرة ستنجلي مع مرور الأيام.

ت‌-  جهاز بيروقراطي متشعب يتحكم فيه النظام

كانت أحد مطالب الحراك الرئيسية تحويل صلاحيات تنظيم الانتخابات من الإدارة إلى سُلطة مُستقلة تتولى الإشراف على كافة المراحل المتعلقة بالاقتراع. تدرك السلطة أنه حتى وإن استجابت لهذا المطلب، فذلك لن يغير في الواقع شيئا على الأقل في المدى المتوسط، مادامت هي من يختار أعضاء هذه اللجنة المستقلة، وهي من يتحكم في الإدارة التي هي الطرف المنفذ لعملية الانتخابات. في دولة ريعية مثل الجزائر، يُعتبر الجهاز البيروقراطي الأداة الأساسية لتأطير المجتمع، ومراقبته، واخضاعه واستقطابه. في غياب سوق إنتاجية حُرّة، وفي ظلّ ضعف المجتمع المدني وعدم قدرته على إعادة إنتاج نفسه في استقلالية عن السلطة/الدولة، ستكون الإدارة وَسِيطا حتميا بين الدولة والمجتمع من جهة، وبين أفراد المجتمع من جهة أخرى. إنّ كافة التبادلات الاجتماعية، العمودية منها والأفقية، يجب أن تمر عبر متاهات البيروقراطية. يُعتبر الجهاز البيروقراطي المشغّل الأول في الجزائر (أكثر من 70%) ومعظم الوعاء الانتخابي المنضبط لأحزاب السّلطة يتشكل من هؤلاء البيروقراطيين الذين يشاركون في الانتخابات سواء خوفا على مناصبهم أو طمعا في الترقية والاقتراب أكثر من دوائر توزيع الخيرات والنّعم.[13] مُهمة الجهاز البيروقراطي إذا ليس فقط توجيه العملية الانتخابية قبليا وبعديا، ولكن أيضا المساهمة في رفع نسبة المشاركة لبلوغ الحدّ الأدنى الذي يجعلها مَقبولة ترفع الحرج عن السّلطة.

إذا تأخر موعد إجراء الانتخابات، فإنّ الأزمة الاقتصادية سوف تدرك السلطة، وقد تكون حينها عاجزة حتى عن دفع أجور عمال الوظيف العمومي، وبالتالي إمكانية خسارة وعاء انتخابي واسع، بل إمكانية تحوّله إلى مصدر إزعاج يهدد الاستقرار الاجتماعي الذي تتغنى به السّلطة.

ث‌-  الإنفاق السّخي لشراء السلم الاجتماعي

تلجأ السلطة عشية كل موعد انتخابي إلى الإنفاق السّخي على المشاريع الاجتماعية أملا في تقليص أعداد الناقمين عليها من جهة، ومن جهة أخرى ربح أصوات جديدة ترفع بها نسبة المشاركة إلى الحدّ الأدنى المطلوب. في قانون المالية لسنة 2020، لم تلجأ الحكومة إلى فرض ضرائب جديدة أو رفع أسعار المحروقات والطاقة رغم حالة العجز الكبيرة التي تُعاني منها ميزانية الدولة. وقامت برفع التجميد عن الكثير من المشاريع التنموية التي كانت مُعلقة منذ 2014 بسبب الأزمة المالية الخانقة.  شرعت الحكومة كذلك في حملة واسعة لتوزيع السّكنات الاجتماعية14 منذ شهر يوليو/تموز الماضي ولا تزال مستمرة إلى غاية اليوم.

ثالثا: رهانات، موارد وحسابات الشّارع

راهنت السُّلطة على وضع الجزائريين، الذين يتظاهرون أسبوعيا في الشوارع، أمام الأمر الواقع من خلال الشروع ميدانيا في تنفيذ الأجندة الانتخابية على أمل أن يدفع ذلك المتظاهرين إلى اليأس والعودة تدريجيا إلى بيوتهم. ولكن الملاحَظ هو تزايد أعداد المتظاهرين وعودة الحراك بقوة بعد الإعلان مُباشرة عن موعد الرئاسيات من طرف رئيس الدّولة المؤقت عبد القادر بن صالح. يتجلى الأمر كما لو أنّه كلما خَطت السّلطة خطوة إلى الأمام كلما ألّبت ضدّها مزيدا من المتظاهرين والرّافضين لها، وكلما انكشفت نواياها في إعادة إنتاج نفس المنظومة السّابقة وربما بنفس الأسماء القديمة على غير عادتها. تحوّل الفاتح من نوفمبر/تشرين الثاني، ذِكرى اندلاع الثوة التحريرية الكبرى، إلى موعد تاريخي خرج فيه مئات الآلاف من الجزائريين إلى الشوارع في أغلب المدن الكبرى للتعبير عن رفضهم لإجراء انتخابات في ظلّ الظروف السياسية، القانونية والمؤسساتية الحالية.

1.     النفس الثاني للحراك الشعبي: ثورة تتغذى من تناقضات النظام

تعكس العودة القوية للمتظاهرين إلى الشارع منذ شهر سبتمبر/أيلول الماضي، بعدما نقصت أعداده نسبيا خلال فصل الصيف، تحولا عميقا داخل المجتمع الجزائري لم تستوعبه السلطة بعد. حراك الثاني والعشرون فبراير ليس سحابة صيف عابرة، بل هو الموجة الثّانية للانتقال الديمقراطي الذي تعثّر في بداية التسعينات.  يُصرّ الجزائريون على التغيير العميق لنمط اشتغال السلطة، بإخضاع هذه الأخيرة للعقاب الانتخابي ومبدأ التداول السلمي عليها. أما السلطة، فهي تختزل المشكلة في خيانة بعض المسؤولين حاشية بوتفليقة للثقة التي وضعها فيهم الجيش، وتعتقد أنه يكفي استبدالهم بأشخاص آخرين، بعدما تم سجنهم ومعاقبتهم، وتوسيع صلاحيات الشرطة العسكرية16 في ممارسة الرقابة اللصيقة على مؤسسات الدولة، للقضاء على الفساد وتجنب عدم تكرار ما حدث.

عدم استيعاب السلطة لعمق الثورة الشّعبية، والأسس التي تقوم عليها دولة القانون الحديثة، جعلها تتعامل معها بنفس الآليات التقليدية التي تعوّدت عليها منذ الاستقلال: الحيلة، الدّعاية، استبدال أشخاص بأشخاص آخرين…، ولكن الاعتماد على هذه الوسائل في ظل الثورة الشعبية السلمية، والثورة الرقمية (وسائل التواصل الاجتماعي) دعّم الموقف الأخلاقي للحراك، ووضع خُطة السلطة أمام محك الواقع. كلما تقدمت السلطة خطوة صوب الانتخابات، كلما انكشف أكثر التناقض بين خطابها ومُمارساتها، وكلما اتضحت نواياها في إعادة إنتاج نفس المنظومة السابقة وبنفس الأشخاص الذين كانوا جزءاً من نظام بوتفليقة، فالمترشحون الخمسة المقبولة ملفاتهم شغلوا مناصب وزارية في حكومات بوتفليقة. يتغذى الحراك الشعبي من هذه التناقضات بين الخطاب والممارسة، ومن هذه الأركايكية التي لا يزال فيها النّظام، خاصة في شق الدعاية الإعلامية التي يقودها التلفزيون الرسمي والقنوات الخاصة بأسلوب لا يحترم أدنى القواعد الأخلاقية للمهنة.

يتقوى الموقف الأخلاقي والسياسي للثورة الشعبية، (والمتمثل في رفض النظام القائم والمطالبة بالقطيعة مع الممارسات السابقة، وإطلاق مسار تحول ديمقراطي يحمي الدولة من الانزلاق نحو الفساد والزبونية والجهوية…)، من تناقضات السلطة التي طفت على السطح بعد استقالة/ إقالة بوتفليقة ومحاولتها ترميم واجهتها المدنية بأسلوب وممارسات مستهلكة ومفضوحة. تحاول السّلطة تجميل صورتها عبر التملص من النظام البوتفليقي وتحميله كل المسؤولية فيما وصلت إليه البلاد، وفي لحظة ضغط شعبي كبيرة، اضطرت إلى وصف رجال بوتفليقة « بالعصابة » و »القوى غير الدستورية » عسى أن يساعد ذلك على استعادة ثقة جماهير أهان كرامتها ترشيح رجل مريض محاط برجال أعمال فاسدين لعهدة خامسة بعد عهدة رابعة لم يظهر فيها ولا مرة، ولكنها لم تجد إلا رجال ووجوه نظام بوتفليقة لتقديمهم إلى انتخابات يرفضها عدد واسع من الجزائريين.

وعود المؤسسة العسكرية « بمرافقة الحراك والشعب الجزائري في مسعاه لتحقيق انتقال ديمقراطي »، قسمت الجزائريين في البداية إلى مؤيدين لإجراء انتخابات رئاسية، وبين رافضين لها. استمر الرافضون في التظاهر في الشارع، بينما عاد المؤيدون إلى بيوتهم أملا في رؤية وعود السلطة تتجسد على أرض الواقع.

ولكن الطريقة التي تمت بها تسيير الحوار، وتأسيس سلطة مُستقلة للإشراف على الانتخابات، ونوعية الشخصيات التي وضعت على رأسها، وكذلك طريقة تعامل القضاء مع مُعتقلي الرأي وبعض رموز المعارضة السياسية، ثم نوعية الشّخصيات التي ترشحت للرئاسيات… كلها عوامل نزعت المصداقية على خطاب السّلطة ووعودها، وكشفت عن عدم قدرتها/استعدادها على تجاوز تناقضاتها وغياب أي تصور حقيقي لانتقال ديمقراطي والقطيعة مع نظام بوتفليقة على الأقل على مستوى الأشخاص. تكشف الردود والنقاشات في مواقع التواصل الاجتماعي، والشعارات المرفوعة في الجمعة التي تَلت إعلان أسماء المرشحين المقبولة ملفاتهم، عن حجم الخيبة التي أصابت حتى وعائها التقليدي المُنضبط، بل حتى أولئك الذين اقتنعوا بإمكانية إجراء انتخابات شفافة في الظروف الحالية.  ويتجلى هذا الإحباط في العودة الكثيفة إلى الحراك لفئات غادرته منذ أن قدمت السلطة عرضها الانتخابي الحالي.  لعبت السّلطة على الاختلافات والخلافات الموجودة بين الجزائريين حول طبيعة النّظام الذي يريدون الذهاب إليه لإنقاذ نفسها، ولكنها لم تدرك أن الذي وحّد الجزائريين ضِدّها هو اتفاقهم على ما لا يريدون عودته تحت أي شكل من الأشكال.

خاتمة

توجد الجزائر اليوم أمام مشروعين: نظام سياسي يعمل على تجديد واجهته المدنية مهما كلف الأمر، استنزف كل موارده المادية والرمزية، واستهلك رصيده الأخلاقي، ورغم ذلك، يرفض أن يقدم أية تنازلات، واختار المغامرة بوجوه تنتمي كلها إلى العهد البوتفليقي للوصول إلى انتخابات رئاسية في سياق ثوري لم يسبق له مثيل في الجزائر المعاصرة. وفي الطرف الآخر، ثورة شعبية سلمية، تزداد قوتها وحجمها كلما خطى النظام خطوة باتجاه الانتخابات.

إن حجم الإهانة التي تسبّب فيها نظام بوتفليقة جعلت الجزائريين يتجاوزون خلافاتهم واختلافاتهم الأيديولوجية، الثّقافية والسياسية بشكل جعل النظام عاجزا عن استقطاب نُخب من خارج شبكاته الزبونية التي استهلكها نظام بوتفليقة وأصبحت غير قابلة للاستعمال السياسي على الأقل خلال السّياق الثوري الجاري.

وحتى وإن استطاعت الثورة الشعبية إسقاط وتحييد ورقة العنف، إلا أن إصرار السلطة على المرور بالقوة وبوجوه سياسية تُذكّر الجزائريين بالإهانة البوتفليقية قد يفتحُ الباب أمام اللّجوء إلى استخدام النّظام للقوة العمومية من أجل فرض خياره وبلوغه. في الواقع، هدد قائد الأركان، ورئيس الدولة بعدم التسامح مع كل من يُعرقل السّير الحسن للانتخابات، وفي حالة ما إذا خرج الجزائريون للشارع يوم الثاني عشر ديسمبر/كانون الأول فإن كل الاحتمالات تبقى مفتوحة.

على بعد أسبوعين من الرئاسيات، لا يبدو أن الحراك تأثر بانطلاق الحملة الانتخابية وبتصعيد السلطة في حملة الاعتقالات ضد كل من يعرقل17 « نشاط المترشحين الخمس ». ان سياسة فرض الامر الواقع والمرور بالقوة أنتجت مفعولا عكسيا على الحراك، إذ لا تزال أعداده تزيد كل جمعة.

تعول السلطة على إجراء الانتخابات لدفع الجزائريين إلى العودة إلى منازلهم، ولكن، يبدو أن الحراك ليس مستعجلا مادام محافظا على سلميّته، وما دامت السلطة لا تزال مُلتزمة بعدم قمع المتظاهرين. اجراء الانتخابات بشكلها الحالي بالنسبة للحراك، سوف يزيد من مأزق السلطة ويألب المزيد من الغاضبين ضدّها.

يعول الحراك على إفشال هذه الانتخابات من خلال مقاطعتها ونزع المصداقية عنها، على أمل أن يدفع ذلك الجيش إلى أن يكون الشّريك الوحيد لتنظيم انتقال ديمقراطي دون الوجوه التقليدية لمنظومة بوتفليقة.  يعتقد الكثير من الجزائريين أن الشبكات الزبونية التقليدية لا تزال الأكثر قدرة على تنظيم نفسها والاستحواذ على أية مبادرة يدعو إليها الجيش للخروج من الأزمة. المواعيد الانتخابية السابقة التي تم افشالها حيدت الكثير من هذه الشبكات، وقد تكون الانتخابات القادمة موعدا لتحييد ما تبقى منها. قد يدفع ذلك قيادة الجيش إلى الانفتاح على قوى وشخصيات شعبية لا تزال تحظى بالاحترام والتقدير لدى الجزائريين، لرسم خطة إصلاح وتحول ديمقراطي شامل على غرار ما حدث في نهاية الثمانينات حينما أُجبر النظام على الاستنجاد بحكومة الإصلاحيين لإخراج البلد من الأزمة.

1.تم تعديل الدستور أكثر من مرّة في عهد بوتفليقة ليكون أداة لغلق الطريق أمام منافسيه، وفسح الطريق أمامه ليموت رئيسا. في 2008، تم إلغاء المادة التي تمنع الرئيس من الترشح لأكثر من عهدتين. وفي 2016، تم تعديل المادة مُجددا والعودة إلى نظام العهدتين، ولكن الرئيس ترشح بموجب ذلك التعديل بإعادة ضبط العدّاد على الصفر، أي أن العهدة الخامسة هي عهدة أولى حسب الدستور الجديد.
2.تفضل السلطة استخدام مفردة « الشعب » بدل مفهوم « المجتمع ». الأيديولوجية الشعبوية تنظر إلى الشعب على أنه كتلة واحدة متجانسة أيديولوجيا وثقافيا واجتماعيا، حيث الجيش وحده فقط من يستطيع التعبير عنه بأمانة وتجسيد طموحاته.
3.فرضت حالة الطوارئ في الجزائر بالمرسوم الرئاسي رقم 92 – 44 مؤرخ في 9 فبراير/شباط سنة 1992. وتم رفعه بقرار من الرئيس بوتفليقة.
4.  أصدرت الحكومة قرارا بمنع التظاهر في العاصمة الجزائر عقب مسيرة 14 يونيو/حزيران 2001 التي دعت إليها تنسيقية حركة العروش بمنطقة القبائل، ولا يزال القانون ساري المفعول إلى يومنا هذا، ولم تمنح ولاية الجزائر أي ترخيص لأية جهة كانت بتنظيم مسيرة في العاصمة.
5.Mohammed Hachemaoui,  » les infortunes du politique : rapport de clientèle et de prédation entre Etat et société dans l’Algérie contemporaine. In: Djillali Liabes: La Quête de la rigueur, collectif (Alger, La Casbah, 2006).
6. Sidi Boumedine Rachid,  Désordre ou  »des ordres »  urbains ? In. Naqd, N° 16 (printemps/été 2002). pp 27- 44.
7.نتبنى هنا أطروحة لهواري عدي القائلة بازدواجية السلطة في الجزائر: سلطة فعلية بين أيدي القيادة العسكرية، وسلطة شكلية تتمثل في الواجهة المدنية (الرئيس، الحكومة، البرلمان…). تعتبر الأولى مصدر السيادة الذي تستمد منه الثانية سلطتها وشرعيتها.
8.غير الحراك المعيار الأخلاقي للممارسة السياسية، فبعدما كان التباهي بخدمة بوتفليقة والولاء له ممارسة لا حرج فيها، تنافس فيها الجميع، أصبحت بعد 22 فبراير/شباط « وصمة عار » وثّقتها التكنولوجيا وأصبح الحراك يستحضرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي لتذكير كل من يحاول التقرب من السلطة مجددا بتاريخه وولاءاته السابقة. حتى الوزير الأول الحالي لم يجرأ على القيام بخرجة ميدانية أو القيام بتصريح صحفي منذ المؤتمر الصحفي الذي عقدة عشية تعيينه رفقة لعمامرة. خوفا من المحاكمة الشعبية (الرمزية) ومن الفضيحة على وسائل التواصل الاجتماعي، فضلت شبكات النظام التقليدية الاختفاء من المشهد السياسي في انتظار ما يمكن أن تسفر عنه الأحداث في المستقبل. الجمعيات التقليدية التي كانت أول من يدعوا مرشح السلطة للترشح، لم تتحرك وفضلت الصمت.
9.وعد رئيس الدولة المؤقت عبد القادر بن صالح في خطاب ألقاه يوم 3 يوليو/تموز، بإطلاق حوار واسع تقوده ((شخصيات وطنية مستقلة
10.شخصيات وطنية مستقلة ينتهي بعقد ندوة وطنية تتولى تهيئة الظروف الملائمة لإجراء انتخابات رئاسية. وقال في نفس الحوار أن الدولة والجيش لن يكونا طرفا في الحوار.
11.ينصّ الدستور الجزائري على ضرورة تنظيم انتخابات رئاسية في أجل لا يتعدى ثلاثة أشهر من إقرار شغور منصب رئيس الجمهورية. لجأت السلطة بعد انقضاء هذه الآجال إلى تطويع الدستور بفتوى تقضي بتمديد فترة بن صالح إلى غاية اجراء انتخابات رئاسية، وهذه هي الحجة التي استخدمتها السلطة ضد من يطالبها بالتنحي بعد الرابع من يوليو/تموز، وتشكيل مجلس انتقالي بحكم عدم دستورية الرئيس الحالي وحكومته.
12.عشية الإعلان عن حركية واسعة في سلك القضاء، دخلت نقابة القضاة في أضراب شامل تحت مبرر المطالبة باستقلالية العدالة واستقالة وزير العدل زغماتي. ولكن، بمجرد أن توصل الطرفان إلى اتفاق يقضي برفع أجور القضاة وإعادة النظر في حركة التحويل عاد القضاة إلى العمل.
13.يمكن أن نذكر هنا على سبيل المثال لا الحصر، تدخل الرئيس بوتفليقة لإلغاء قانون المحروقات الذي قدمه وزيره للطاقة شكيب خليل سنة 2005. نفس القانون تم تمريره هذه المرة ولكن باسم حكومة غير شعبية وباسم رئيس انتقالي مؤقت مرفوض شعبيا. لا تريد السلطة تمرير هذا القانون تحت حكم رئيسها المنتخب، لأن ذلك يتناقض مع خطابها الشعبوي.
14.يعتبر السّكن أحد أهم أدوات السلطة في شراء السلم الاجتماعي. في الأسبوع الأول من الحراك، صرح أحد قادة الأحزاب المساندة للعهدة الخامسة لبوتفليقة (بلقاسم ساحلي زعيم حزب التحالف الوطني الجمهوري) بأن المتظاهرون يعودون في المساء إلى السكنات التي منحها إياهم بوتفليقة. مسألة السكن في الجزائر مورد سياسي بامتياز لنظام يستمد شرعيته من ((مُحافظته
15.مُحافظته على الطابع الاجتماعي للدولة.
16.تم تعديل قانون الضبطية القضائية ومنح صلاحيات واسعة للأمن العسكري للتحقيق في الجرائم الاقتصادية في المؤسسات العمومية ودخل حيز التنفيذ يوم 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2019.
17.للأمانة، أغلبية الموقوفين صباحا، يطبق صراحهم في المساء، وهذا ما جعل الكثير من الجزائريين يعتقد أن السلطة ليس لديها أي إرادة في ممارسة القمع الواسع، وأن عمليات الاعتقال مجرد إجراءات روتينية للحفاظ على انضباط المؤسسات.

مؤلف
دريس نوريباحث جزائري وأستاذ محاضر في علم الاجتماع بجامعة لمين دباغين (سطيف) ر 27
نوفمبر9 201

LAISSER UN COMMENTAIRE

S'il vous plaît entrez votre commentaire!
S'il vous plaît entrez votre nom ici