المحكمة الدولية بين القضاء والسياسة

0
2118

Walid Abdulhay

  · 

Ambassador of the Republic of South Africa to the Netherlands Vusimuzi Madonsela, right, and Minister of Justice and Correctional Services of South Africa Ronald Lamola, center, during the opening of the hearings at the International Court of Justice in The Hague, Netherlands, Thursday, Jan. 11, 2024. The United Nations’ top court opens hearings Thursday into South Africa’s allegation that Israel’s war with Hamas amounts to genocide against Palestinians, a claim that Israel strongly denies. (AP Photo/Patrick Post)

وليد عبد الحي

هناك نوعان من القضايا الدولية التي تقع ضمن اختصاص محكمة العدل الدولية، الاول هو المنازعات القانونية بين الدول والتي تسمى القضايا الخلافية ،اما النوع الثاني فهي ما يسمى بالرأي الاستشاري(او ما يشبه الفتوى) ،وهذه يتم طلبها من من أجهزة الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة بشأن المسائل القانونية المحالة إليها ، وعليه فان الدعوى المقدمة من جنوب افريقيا ضد اسرائيل حول « ارتكابها للابادة الجماعية » تقع تحت النوع الاول، وهذا ما يميز محكمة العدل الدولية عن المحكمة الجنائية الدولية، فمحكمة العدل تنظر في قضايا دولية بينما يتركز اختصاص المحكمة الجنائية في قضايا ضد افراد مثل رئيس او قائد جيش او رئيس وزراء او …الخ.

ولكي تنظر المحكمة في نزاع قانوني معين يجب ان تقبل الدولة المدعية باختصاص المحكمة في النظر في هذه القضية، ويتم القبول بالاختصاص من خلال:

1- إبرام اتفاق خاص لعرض النزاع على المحكمة؛وحيث ان اسرائيل وجنوب افريقيا أطراف في معاهدة تحتوي على نص يجوز بموجبه أن يحيل أحدهما إلى المحكمة نزاعا من نوع معين أو خلاف حول تفسير أو تطبيق المعاهدة، وحيث ان كلا من اسرائيل وجنوب افريقيا عضوان في المحكمة ،فان هذا يعطي الحق لجنوب افريقيا بالتقدم بالدعوى لان نظام المحكمة يعطيها هذا الحق.

2- ان ميثاق المحكمة يلزم الدول الاعضاء في المحكمة القبول باختصاصها ،ويتم ايداع الموضوع لدى الامين العام للأمم المتحدة.

وبعد استماع المحكمة المرافعات الشفهية من اطراف الدعوى يتم ما يلي:

أ‌- تتداول المحكمة مناقشة القضية في جلسة مغلقة.

ب‌- تصدر المحكمة حكمها في جلسة علنية.

ت‌- يتصف قرار المحكمة بثلاث جوانب:

1- -انه حكم نهائي لا يجوز الطعن فيه.

2- الحكم ملزم لأطراف الدعوى ولا يجوز عدم تطبيقه.

3- الحكم غير قابل للاستئناف ، ولكن إذا تم اكتشاف واقعة ذات دلالة ما بعد صدور القرار من المحكمة يجوز أن يخضع للتفسير أو لإعادة النظر عند اكتشاف هذه الواقعة الجديدة ، ويجوز لأي قاض من قضاة المحكمة أن يلحق رأياً بصفته الفردية بالحكم.

٤- يمكن للدولة المدعية ان تطالب ما يسمى تدابير مؤقتة قبل صدور الحكم( مثل وقف إطلاق النار او رفع الحصار او التوقف عن منع وصول المساعدات…الخ) وللمحكمة اتخاذ إجراء بهذا الخصوص.

ماذا لو:

لو ان اسرائيل رفضت القرار وامتنعت عن تنفيذه، فان لجنوب افريقيا الحق في طلب اجتماع لمجلس الامن للنظر في آليات تنفيذ القرار، وهو ما قد يصطدم بالفيتو الامريكي، وهنا يحال الموضوع الى الجمعية العامة للنظر في تنفيذ واجراءات تطبيق القرار.

المهم ان القرار –إذا صدر ضد اسرائيل- يلزم الدول الاخرى بان تحرص عند تعاملها مع اسرائيل ان لا تقوم باية اعمال لها صلة بالقرار وتخرق التزاماتها التي يتضمنها القرار.

احتمال الحكم:

عدد القضاة 15 ، ينتمون للدول التالية:امريكا، روسيا، الصين،سلوفاكيا، فرنسا والمغرب والصومال واوغندا وجاميكا ولبنان واليابان والمانيا واستراليا والبرازيل والهند…واغلب القضاة كانوا موظفين في وزارات الخارجية او العدل او ممثلين لبلادهم في الامم المتحدة، بينما 5 من القضاة اكاديميين متخصصين في القانون الدولي،اي ان لدولة القاضي تاثير عليه،وهو ما اكدته دراسات اكاديمية كثيرة، وعليه فان احتمال صدور قرار لصالح فلسطين احتمال كبير(في موضوع الجدار كان القرار لصالح فلسطين 13 صوت لصالحها عام 2004).واظن ان اغلب القضاة سيصوتوا لصالح فلسطين باستثناء الولايات المتحدة التي سترفض (وكانت هي الوحيدة التي صوتت ضد قرار الجدار) وهناك احتمال ان تصوت معها كل من سلوفاكيا والمانيا وربما استراليا واحتمال اضعف الهند…ربما، مما يعني ان القرار سيحصل على تاييد حوالي 10 اصوات أو اكثر.

ولو اخذنا آخر قرار للجمعية العامة في 12 ديسمبر الماضي فان الدول الخمسة عشر التي ينتمي لها قضاة المحكمة صوتت على النحو التالي:

12 صوت لصالح قرار وقف اطلاق النار في غزة

2 امتنعوا عن التصويت(سلوفاكيا والمانيا)

1 صوت ضد(الولايات المتحدة).

ذلك يعني ان دول القضاة اغلبها ستميل لتاييد قرار المحكمة ولو ان الضغوط الامريكية في هذه القضية ستكون شديدة جدا ،مما قد يؤثر على بعض الدول لكنه لن يمنع صدور القرار، واذا تساوت الاصوات فان الطرف الذي فيه الرئيس(امريكي) هو الذي يؤخذ برأيه.

تقديري من مراجعة اجراءات المحكمة في قضايا سابقة ان القرار نظريا سيصدر خلال 2-3 اسابيع الا اذا « ابدعت اسرائيل  » تحايلات تطيل المداولات وهو ما سيؤخر القرار لشهور..وربما لأعوام، وهنا يظهر تأثير السياسة على القضاء بشكل جلي، فكلما كان القرار أسرع كان ذلك دليل على أولوية القضاء واستقلاليته، ولكن كلما تأخر كان ذلك تأكيد على أولوية السياسي( موازين القوى) على القضاء( القانون).

LAISSER UN COMMENTAIRE

S'il vous plaît entrez votre commentaire!
S'il vous plaît entrez votre nom ici